يدرك الرب معاناة البشرية. يدرك الرب فقر البشرية واضطهاد الناس — الاضطهاد من قبل إملاءات الحكومة والزعماء الدينيين والاضطهاد من قبل الظروف معاً.
يجب أن تتناول رسالة الرب الجديدة حالة البشرية. وهو مستقبل البشرية الذي يجب أن تتناوله رسالة الرب الجديدة. إنهم مترابطين، لكنهم ليسوا متشابهين، لأن المستقبل سوف يبدو خارجاً عن متطلبات اليوم واللحظة والساعة. سوف يبدو خارجاً عن الاحتياجات الحالية للناس، من القوى الأعظم التي تشكل العالم، القوى التي يمكنها إما إضعاف الحضارة الإنسانية والقوى التي يمكن أن تقويتها وتحسينها ومنحها مستقبلًا بخلاف الماضي.
لكن مثل هذا المستقبل الأعظم لا يمكن أن يتحقق إذا كان الناس يكافحون تحت نير الفقر والقمع. على الرغم من أن الفقر كان دائماً معكم وعلى الرغم من أن الاضطهاد كان دائماً في العالم، إلا أن هذا يخلق حالة غير طبيعية — حالة يتم فيها قمع القدرات الطبيعية والإبداع والإلهام للناس وتقليصهم، حيث يتم تقليل نور المعرفة الروحية والذكاء الأعظم الذي وضعه الرب داخل كل شخص كإمكانية، هذا النور يتم إخماده.
الآن يجب على الناس أن يكافحوا من أجل ضروريات الحياة. يجب أن يعملوا بطريقة عبودية ببساطة لإعالة أنفسهم ليومهم، غير قادرين على الادخار للغد. حيث يجب أن يعيش الناس تحت ضغط وحبس أعظم.
وإمكانية زيادة هذا الأمر عظيمة لأن العالم يدخل مرحلة جديدة. العالم في حالة تدهور. يتم أخذ الموارد من العالم بسرعة عظيمة، ويتم استنفاذها، مما يعرض مستقبل البشرية للخطر.
لذلك فإن الرب يدرك المعاناة في العالم ويهتم بها. أن تكون في هذا العالم هو أن تكون في عرضة للخطر. الروح محاصرة في الجسد. يجب أن ينجوا الناس الآن في بيئات صعبة حيث يوجد حاجة دائمة لحل المشاكل، وتكييف مستمر وجهد مستمر لتأمين الموارد الأساسية التي يحتاجها الجميع — الغذاء والماء، والمأوى، والملبس، والحماية من العناصر، والاستقرار والأمن.
إذا لم يتم تلبية هذه الاحتياجات، فلا يمكن تحقيق الإمكانات الأعظم للفرد. والهبات العظيمة التي منحها الرب لكل شخص ليقدمها إلى العالم كمساهمة للعالم لن يتم الاعتراف بها ولن يتم تحقيقها.
هذه حالة غير طبيعية، لأن العالم الذي تراه اليوم والعالم الذي تعلمته من الماضي يمثل قمعاً للروح البشرية، وتناقصاً للإمكانيات والقدرة البشرية وثقلًا على الإنسانية حيث لا يمكن أن ترتفع إلى مستوى أعظم وحالة أرقى من الإبداع والاتزان والعدالة الاجتماعية والتطور.
الناس اليوم مقيدون بالقيود السياسية. لكنهم أيضاً مقيدون من خلال إجبارهم على العمل بطريقة عبودية، حيث لا تمنحهم حياتهم أي وقت لبناء حياة داخلية — وعي داخلي، وقدرة على الاستجابة للمعرفة الروحية الأعمق التي وضعها الرب في داخلهم. ونتيجة لذلك، فإن معنوياتهم مهترئة ونورهم خافت.
لأن هناك فقر على ثلاثة مستويات، كما ترى. هناك فقر على مستوى حاجات الجسم: غذاء وماء ومأوى وكساء واستقرار وأمن. ثم هناك فقر في العقل حيث لا يملك الفرد فرصة لتنمية وعيه بذاته وبالعالم، وتنمية قدراته الفكرية وتعلم المزيد من التمييز، وهو أمر ضروري لتحقيق النجاح الحقيقي في الحياة. ثم هناك فقر الروح، حيث تظل قوة حضور المعرفة الروحية مخفية وغير معروفة لأن الناس يكافحون من أجل البقاء ويواجهون ضغوطاً لدرجة أن كل ما يمكنهم فعله هو محاولة الوصول إلى الغد والاستمرار .
هذه الأشكال من الفقر — فقر الجسد، وفقر العقل وفقر الروح — يمثلون الإفقار العظيم للأسرة البشرية. لجميع المواهب العظيمة التي شبعها خالق كل الحياة داخل الأسرة البشرية تظل مفقودة وغير معروفة، منسية ومقيدة. إذا لم يكن الأمر كذلك، لكانت الأسرة البشرية في مرحلة مختلفة تماماً من التطور والإنجاز في العالم اليوم.
كبح إبداع المرأة وحده يعني أن نصف العرق البشري معاق ومقيَّد. نصف عطايا المعرفة الروحية العظيمة — المساهمة والرحمة والخدمة — محرومة من الأسرة البشرية، محرومة لأسباب ثقافية، محرومة بسبب الفقر، محرومة بسبب اضطهاد السلطة القوية داخل الحكومة وحتى الدين.
إذا كان مقدّرًا لشاب أو شابة أن يكونا طبيباً مهماً، أو خادماً مدنياً عظيماً، أو فناناً ملهماً أو مهندساً عظيماً، فلن تتحقق هذه الإمكانات أبداً في ظل هذه الظروف — تاركين تلك الدولة وتلك الثقافة والعالم نفسه فقير.
لا يكفي الإطاحة بقوى الاضطهاد، لأن هذا يؤدي إلى العنف وخسارة عظيمة في الحياة والمعاناة، وفي كثير من الأحيان لا يؤدي إلا إلى مجموعة مختلفة من الوجوه، وسلالة جديدة من الحكام القمعيين. كم عدد الأشخاص الذين ضحوا بحياتهم ورفاههم وفرصهم فقط للدخول في شكل جديد وأكثر خطورة من القمع؟
لا، يجب أن تكون هناك حركة تغيير أعظم داخل الشخص، ويجب أن تحدث داخل الشخص أولاً. إذا كان قلبك مليئاً بالظلم والغضب والكراهية والاستياء، حتى لو أعطتك الحياة فرصاً أو أعطتك سلطة اجتماعية أو أعطتك سلطة سياسية، فلا يمكنك إلا الدخول في شكل جديد من القمع، فالقمع دائماً مليء بالغضب، الخوف والاستياء. إنه يتعارض دائماً مع الحالة الطبيعية للبشر التي خلقها خالق كل الحياة.
لإحداث التغيير الاجتماعي، يجب أن يكون هناك تعاطف وتسامح وصبر. تبدأ الحركة من أجل هذا دائماً داخل الفرد، حيث يكتسب الفرد إمكانية الوصول والاتصال بالمعرفة الروحية الأعظم التي وضعها الرب في داخله، لتنمية حياتهم الداخلية وإدراك ميولهم الأعمق. هنا تسكن العقل حتى تتمكن من سماع وشعور وتجربة كيف يحركك الرب ويوجهك في حياتك، حتى في الأمور الأكثر تحديداً، أبسط الأمور — الميل للذهاب إلى هنا، وضبط النفس من الذهاب إلى هناك، والتمميز الذي يجب على المرء أن يمارسه مع من يتعامل معه ومقدار المشاركة معهم، والحاجة إلى تنمية مكان هادئ حتى تتمكن من البدء في الاستماع داخل نفسك.
لكن إذا لم يكن هناك مكان هادئ، إذا لم يكن هناك تعاطف، إذا لم يكن هناك تسامح، إذا لم تكن هناك حرية للفرد لتحرير عقله من موقف العبد أو مجموعة من المعتقدات، فإن عطايا الرب تظل غير مسموعة وغير معترف بها وغير معروفة.
الناس يريدون التغيير الاجتماعي. يريدون التغيير السياسي. لكنهم في كثير من الأحيان لا يريدون التغيير. يريدون مزايا. إنهم يريدون تحسيناً اجتماعياً، وهم بحاجة إلى ذلك كما هو الحال في كثير من الأحيان.
لكن حركة الرب يجب أن تحدث بداخلك أولاً. نادراً ما يعود تغيير النظام الاجتماعي بالفائدة على الجميع. في بعض الأحيان هذا هو الحال. ولكن إذا لم يتم تطبيق المزيد من الحكمة، فلن تتحسن العدالة الاجتماعية إلا بشكل هامشي، هذا إذا حدث ذلك على الإطلاق. نظام جديد من السلطة سوف يدخل للعب، يعد بالعدالة لكنه غير قادر على تحقيقها، ويعد بتحسين لكنه غير قادر على تحقيقه. وبعد ذلك، كما في السابق، سوف يُثقل كاهل الناس بالعمل الجائر وقليل من الأمل في التقدم أو التحسين في حياتهم.
لقد وُضعت قوة الرب في داخلك، لكنها ليست في عقلك. إنه ليس على سطح عقلك. إنها غير مشروطه أو محدده بمعتقداتك أو مواقفك أو حتى بالمبادئ الدينية التي قد تلتزم بها.
ليس الأمر أن الرب فشل في مساعدة البشرية. الأمر أن البشرية فشلت في سماع الرب. ليس الأمر أن الرب لا يهتم بحالة الإنسان، وحالة حياتك والحياة من حولك. الأمر هو أنه لم يتم التعرف على قوة الرب وحضوره.
بمجرد حصولك على الطعام والماء والملبس والمأوى والاستقرار والأمن، يمكنك البدء في تطوير حياتك الداخلية. هذا ليس مجرد إلهاء أو تساهل. إنه أمر أساسي لنجاحك، لأن الرب يتحدث إليك من خلال حياتك الداخلية، من خلال قوة المعرفة الروحية التي وضعها الرب في داخلك، والتي تختلف تماماً عن عقلك الشخصي وتكييفك الديني والاجتماعي وتوقعات أسرتك والآخرين.
كل العظماء القديسين والشعراء والموسيقيين وأولئك الذين أحدثوا تغييراً جوهرياً وتحسيناً للبشرية قد عرفوا هذا الأمر ومارسوه. لا يكفي أن نقول إنهم موهوبين بشكل فريد، الشخص النادر الذي يمتلك صبراً وشجاعة خارقة تقريباً لمواصلة مثل هذه الأعمال العظيمة، لأن هذه القوة والشجاعة تكمن في داخلك أيضاً. لكن عليك أولاً إنشاء مكان لها في داخلك.
هذه الحكومات والمؤسسات الدينية، القوى التجارية، لا تستطيع أن تحرمك منها. إن حرية الوصول إلى الرب في داخلك بعيداً عن متناول الحكومة. إنه أمر يتجاوز ظروف الفقر والقمع. هذا هو ما تتحدث إليه الرسالة الجديدة من الرب مباشرة بسبب الحاجة الماسة إليها في العالم.
لأن البشرية لا تستطيع الآن التقدم بسبب وجود فرد نادر هنا وهناك. يجب أن ينادي الرب الكثير من الناس، ويجب أن يكونوا ملهمين ويجب أن يعملوا من مستوى من التعاطف والالتزام والشجاعة — ليس لأنهم يريدون ذلك شخصياً، ولكن لأنه يظهر بداخلهم.
بمجرد أن تبدأ في الوصول إلى المعرفة الروحية — ذكاء الرب، والعقل الأعمق بداخلك — سوف تبدأ في الظهور ببطء. يشبه الأمر أنك ولدت شيئاً، لكن ظهوره بطيء جداً.
بعد يوم عملك الشاق، تعود وتتعلم أن تسكن عقلك وتستمع. أنت هنا لا تطلب من الرب الأشياء فحسب. أنت تتعلم الإستلام.
إن الأمر صعب في البداية لأن حالة عقلك متفاقمة للغاية، وتحت ضغط شديد، ومنغمسه جداً في محاولة تعويض آثار الفقر والقمع التي تبدو في البداية شبه مستحيلة. ولكن مثل كل الإنجازات، يستغرق الأمر وقتاً وصبراً وتطبيقاً يومياً.
حتى إذا كنت تعيش في مخيم للاجئين أو في حي فقير في المدينة، فلديك الفرصة لتطوير حياة داخلية وتعليم أطفالك ذلك. سوف يجعلك هذا الأمر حساس بتجربتك الخاصة وسوف يمكنك من الشعور والاستماع إلى حركة المعرفة الروحية داخل نفسك، لأن هذه هي الطريقة التي يتحدث بها الرب إليك، في داخلك.
هنا لا تصبح نبياً أو أفاتاراً أو قديساً أو متصوفاً أو راهباً أو كاهناً. أنت ببساطة تصبح شخصاً يستجيب لصوت الرب بداخله.
سوف يستغرق هذا بعض الوقت. لن يحدث في يوم او اسبوع او شهر. ولكن إذا وضعت الأساس لحياة داخلية، فإنها سوف تنمو وتبني. سوف تبدأ في رؤية أشياء لم تكن لتراها من قبل. سوف تبدأ في سماع أشياء في الآخرين لم تسمعها من قبل. سوف يكون من الصعب عليك أن تنخدع بالآخرين أو بالمظاهر. سوف يكون من الأصعب عليك أن تنجذب إلى الجمال أو وعود القوة أو الثروة أو كل الزخارف التي تثير إعجاب الناس وتغويهم وتنومهم مغناطيسياً ليصبحوا شيئاً ليسوا كذلك.
هذا هو الدين. الدين ليس الذهاب إلى الكنيسة أو المسجد أو المعبد أو المكان المقدس وتمر بحركات ما أسسته السلطات الدينية على أنها ممارسة وعادات. الدين ليس أن تجبر نفسك على تصديق أشياء بالكاد تفهمها. هذا ليس دين.
الدين هو الارتباط العظيم بداخلك، بين عقل تفكيرك وعقل المعرفة الروحية الأعمق داخل نفسك. ويبدأ هذا الإرتباط ببطء شديد ويمكن أن يحدث تحت أي ظرف من الظروف.
يمكنك الذهاب للجلوس في كنيسة أو مسجد. يمكنك الجلوس في خزانتك إذا لزم الأمر لاكتساب فرصة الهدوء والاستماع. ما الفرق الذي تحدثه الصلاة إلى الرب وطلب المعجزات إذا لم تستطع حتى الاستجابة للحكمة والإرشاد اللذين وضعهم الرب في داخلك بالفعل؟
إنه مثل طلب شيء صغير وفقدان شيء عظيم. لقد وضع الرب ذكاء إرشادياً كاملاً في داخلك. إذا كنت لا تستطيع أن تجرب هذا، إذا كنت لا تستطيع قبول هذا، إذا كنت لا تؤمن بهذا، فماذا يمكن أن يفعله الرب لك أيضاً؟ يعطيك المزيد من المال أو وظيفة أفضل؟ حسناً، هذا صحيح، لكنك ما زلت فقيراً. روحك لا تزال تعيش في حالة من الفقر.
هناك قادة في الحكومة والتجارة والدين تعيش روحهم في فقر مدقع. نعم، لقد نجوا من ظلم الفقر. نعم، قد يكونون في مناصب قوة. نعم، قد يبدو أنهم يتحكمون في مصير الآخرين. لكن الرب يجهلهم. و إرشاد الرب و إرادته بعيدين عن متناولهم — ليس لأن الإرشاد ليس هناك، ولكن لأنهم لم يجدوا طريقاً إليه.
ينصب التركيز هنا على البدء في بناء حياة داخلية، وسوف تبدأ هذه الحياة الداخلية في منحك التوجيه والميول التي يمكن أن تقودك إلى تحسين ظروفك، والتعرف على الفرص التي لم تكن لتراها من قبل، ومقابلة الأفراد الذين سوف يساعدونك على طريقك، بعيداً عن مجرد المعارف التي قد تكون لديك في الحياة.
يحتاج العالم الآن إلى العديد من القديسين، وليس القليل فقط. العالم بحاجة إلى مواهب المعرفة الروحية من خلال الكثيرين الآن، وليس فقط من قلة. سوف يستمر القمع. سوف يستمر الفقر. لكن بعض الناس سوف يهربون. سوف يقفزون خارج النار. وبالنسبة لهم، سوف يحدث شيء خاص في الداخل، سواء كانت ظروفهم مظلومة بالفقر أو القيود السياسية أو ما إذا كانت ظروفهم ثرية وسهلة ومتساهلة، فقد بدأوا في الهروب من فقر النفس.
هذا يتجاوز إملاءات الدين. هذا يتجاوز التعاليم الأصولية. هذا يتجاوز الفلسفة واللاهوت والأيديولوجيا لأنه يمثل ارتباطاً مباشراً بما وضعه الرب فيك.
قبل أن تتمكن من تغيير العالم، يجب أن تغير نفسك. قبل أن تتمكن من تقديم شيء أعظم للآخرين، يجب أن تتلقى شيئاً أعظم بنفسك. أفكارك واحتجاجاتك وغضبك تضيف فقط إلى الأفكار والاحتجاجات وغضب العالم من حولك حتى يكون هناك إلهام أعظم في داخلك.
سوف يعتمد مستقبل العالم على عدد الأشخاص الذين يمكنهم الاستجابة ومتابعة قوة المعرفة الروحية داخل أنفسهم. سوف يأتون من جميع مناحي الحياة. سوف يأتون من الأحياء الفقيرة والطبقة الوسطى والأثرياء. سوف يأتون من جميع الثقافات، من المدن الكبيرة، من المدن الصغيرة، من القرى، من المزارعين والرعاة، من الناس الذين يعيشون في أماكن نائية من العالم. إنها الرسالة الجديدة التي يجب أن تنشط المعرفة الروحية بداخلهم، وتمنحهم إمكانية تطوير حياة داخلية حتى يستجيبوا للواقع، والقوة، والإرشاد، وحضور المعرفة الروحية.
يسأل الناس، ”ما هذه المعرفة الروحية التي تتحدث عنها؟ هل هي أفكار؟ أم هي المعتقدات؟ هل هي نظرية؟ هل هي مجموعة من الأفكار؟“ لا، لا شيء من هؤلاء. إنها قوة المعرفة الروحية وحركتها، والقدرة على معرفة الحقيقة، والشعور بالحقيقة، والتأثر بالحق. ليست حقيقة فكرة، بل الحقيقة التي تمثل وعياً حقيقياً، واعترافاً بشيء حقيقي وشيء يجب القيام به.
المعرفة الروحية هي اليقين الذي وضعه الرب في داخلك لتحمله إلى عالم غير مؤكد للغاية، وللانتقال إلى عالم من الظروف الخطيرة، وعالم من عدم الاستقرار، وعالم يوجد فيه خطر الخراب والدمار دائماً إلى حد ما. هذا يقين أعمق لا يقوم على أفكار أو أيديولوجية، بل على حضور الرب في داخلك وما ورائك.
عندما تصلي، اطلب أن تصبح هذه المعرفة الروحية أقوى بداخلك وأن تخلق وقتاً كلما استطعت أن تظل ساكناً وتستمع، وليس لطرح الأسئلة، وليس لتقديم التماسات، وليس للصلاة من أجل المعجزات، ولكن فقط للاستماع ببساطة والتواضع. هذه البداية.
الرحلة التي أمامك ليست مجرد رحلة لتغيير وضعك الاجتماعي أو ظروفك. وهذا مفيد لحاجات الجسد، لكنه لا يقلل من إفقار العقل والنفس.
أنت بحاجة إلى القليل من الحرية للتنقل وتغيير ظروفك، لكن في بعض الأحيان لا توجد فرصة لذلك. أنت مقفل في مكانك. أنت تعمل من أجل والديك أو تم تعيينك في وظيفة ليس لديها فرصة للتقدم أو التحسين، وهذا هو الحال بالنسبة للعديد من الأشخاص. لكن فرصة بناء حياتك الداخلية وبناء صلة بالمعرفة الروحية التي وضعها الرب هناك، لا تزال موجودة من أجلك.
هذه العملية التي نتحدث عنها لا يستطيع العقل فهمها. إنها ليست أمر عقلانياً ومنطقياً بالمعنى المعتاد. إنها غامضه لأن الرب غامض. أنت تتطلع إلى التواصل مع ما وضعه الرب بداخلك، لذلك هناك دائماً درجة من الغموض.
لا يوجد سيادة هنا مثل عندما تتعلم حرفة أو مهارة. إنه الغموض. إذا أصبح أقوى فيك، فسوف تلهم الآخرين، حتى بمجرد وجودك. وسوف تبدأ منك هدايا أعظم من الطبيعي بالنسبة لك أن تقدمها، والتي كان من المفترض أن تقدمها، والتي وُضعت بداخلك قبل مجيئك إلى هذا العالم — هدايا يحتاجها العالم، لأنه ليس الأفراد فقط هم الفقراء، هم كل البشرية.
أي هدية، مهما كانت صغيرة، تحسن حالة الإنسانية. لا يمكنك رؤية هذا بالطبع، لكنه صحيح لأنه مجموع. إنه مثل المقياس. إذا كان الشر والقمع يثقلون الميزان تماماً من جانب واحد، فلن يكون لديك شيء عظيم مثل ذلك لمواجهته، لموازنة الحجم، لتعويض الهيمنة الساحقة للشر والظروف، والجهل، والقمع، والفقر وهكذا دواليك.
(لكن) عندما تضيف شيئاً صغيراً إلى الجزء الآخر من المقياس، يبدو أنه ليس له أي تأثير. لكن عندما يضيف الآخرون شيئاً صغيراً، عاجلاً أم آجلاً، في الوقت المناسب، يكون المقياس متوازناً، وبعد ذلك يتحرك لصالح ما هو حقيقي وطبيعي للبشر، وهو الاتحاد مع الآخرين، وهو أن يكونوا مبدعين، حيث يجب أن يكونوا في خدمة أسرهم وثقافاتهم في العالم، للحفاظ على العالم، والعناية بالناس، والإلهام، والحصول على وهج الحياة الداخلية داخل أنفسهم. حتى عندما تبدو الظروف سيئة، حتى في مواجهة الفشل والهزيمة، فإن قوة المعرفة الروحية في داخلك.
ما نقوله هنا هو أن كل شخص، بغض النظر عن ظروفه، بمجرد أن يفي بمتطلبات الجسم — الحاجة إلى الغذاء والحاجة إلى الماء والمأوى والملبس والاستقرار والأمن — يمكنه بعد ذلك البدء في تنمية الوعي بالمعرفة الروحية، للبدء في تعلم تلقي ما وضعه الرب بداخلهم، وفتح عقولهم وإسكان عقولهم حتى يتمكنوا من سماع هذا التيار الأعمق في حياتهم والشعور به وتجربته.
بدلًا من إدمان المخدرات والكحول، بدلًا من الانفعالات العنيفة، بدلًا من الهوس بالامتلاك، الهوس بالجنس، فأنت تمنح نفسك ذلك. على الرغم من أن حياتك قد تبدو بلا وعد وفرصة، فإن قوة المعرفة الروحية وحضورها بداخلك هي القوة والفرصة. قد يبدو موقفك غير قابل للحركة وغير قابل للتغيير، ولكن قوة الحركة والتغيير أصبحوا في داخلك. يجب أن تمنح هذا إيمانك وثقتك بنفسك، لأنه على وجه الخصوص في البداية وحتى على طول الطريق، سوف تفقد هذه الثقة وسوف تعتقد أنها غير موجوده وأنك مجرد منخرط في نوع من الحماقة البشرية.
الناس نفد صبرهم. يريدون نتائج اليوم. لهذا السبب يريدون المعجزات. المعجزات مثل الحصول على شيء مقابل لا شيء. إنهم لا يريدون القيام بالعمل. إنهم لا يريدون بناء ملاذهم الداخلي. إنهم لا يريدون تنمية عقولهم. إنهم لا يريدون تعلم مهارة الصمت والسكون. إنهم لا يريدون أن يأخذوا الوقت الكافي لتطوير التمييز والوضوح الحقيقيين. هم فقط يريدون المعجزة.
من الكسل جداً، كما ترى، الرغبة في مثل هذه الأشياء. إنه مثل الحصول على المكافأة دون القيام بأي عمل. إنه مثل إخبار مزرعتك بأن تزرع كل الطعام لك وأنت في إجازة — أو تخبر متجرك أو صناعتك أن ينتجون سلع دون الحاجة إلى العمل فيهم. لذلك ليس هذا هو الطريق.
في البداية، سوف يتطلب هذا إيماناً حقيقياً، فربما لم تمنحك حياتك من قبل أي أمل، ولذا قد تبدو أي فكرة عن الأمل أملًا زائفاً. سوف يتم النظر إلى أي وعد بالتحسين بقلق وشك. ربما سوف يبدو الأمر مذهلاً وغامضاً جداً وصعباً للغاية، لكن هذا لأنك لم تبدأ حتى.
إذا كنت سوف تتعلم لغة جديدة، فلن تكون سهله في اليوم الأول. تبدأ خطوة بخطوة، وتجمع الكلمات والعبارات معاً، وتتعلم المفردات وتتعلم قواعد اللغة. أن تصبح حرفياً ليس شيئاً تستيقظ فيه يوماً ما وهو موجود من أجلك. عليك أن تمر بجميع خطوات بناء تلك المهارة.
لا يختلف الأمر هنا، لكنك سوف تندهش من كم هو مفيد لحياتك بقضاء عشر أو خمس عشرة دقيقة في اليوم بصمت وإستماع داخلي، مما يخفف عنك التوتر، ويسمح لإلهامك باللحاق بك، والاستجابة لأشياء أعمق في داخلك نفسك. في البداية، سوف تحتاجه فقط للراحة، فقط للتعافي من ضغوط الحياة الهائلة من حولك.
لكن أبعد من ذلك، تبدأ في فتح مجموعة من الأبواب داخل نفسك، يكشف كل منها عن شيء آخر. إذا تمكنت من التدرب بصبر، وعدم توقع النتائج كل يوم، وعدم توقع المعجزات، فسوف تبدأ في بناء مهاراتك، كما أنك تبني نيتك وقدرتك وثقتك بنفسك. إنه مثل تعلم أي شيء آخر ذو قيمة حقيقية.
مهما كانت ظروفك، هذا ينتظرك. يجب أن تحدث الثورة في داخلك في البداية إذا أريد لها أن تكون حقيقية وأصلية ومنتجة وبناءة. إذا تمردت وهدمت جدران القلعة وقتلت القادة، فأنت ببساطة تمهد الطريق أمام وصول المجموعة التالية من الطغاة إلى السلطة. لقد تم استخدامك فقط لتحقيق انتقال في السلطة. أنت حقا لم تحدث فرقاً حتى الآن.
يمنحك الإلهام الحكمة. سوف تمنحك الحكمة العطف. لن يجعلك العطف ترغب في كره الآخرين وسوف تبحث عن طرق لإحداث تغيير بناء.
ما وضعه الرب فيك ليس عنيفاً. إنه ليس بغيضاً. إنه لا يسعي إلى الانتقام. إنه ليس مليئ بأيديولوجية قاسية التي سوف فقط تضطهد الجيل القادم. لأنه جاء من عند الرب. إنه ليس اختراع بشري. إنه ليس مجرد إسقاط لعلم النفس البشري. إنه شيء له نعمة وقوة وصبر وشجاعة وثبات. سوف تكون هناك حاجة إلى هذا لبناء دولة جديدة، وتحقيق العدالة الاجتماعية وإقناع الأشخاص الذين يعارضونكم بأنكم موجودين هنا لإثراء حياتهم أيضاً.
يستغرق الأمر حياة كاملة للقيام بذلك. إنه ليس شيئاً سريعاً وسهلاً، لكن قيمته تتجاوز التقدير البشري. إنه ما دفع البشرية إلى الأمام، وتحسين ظروفها، وتطوير مجتمعاتها، وبناء علومها وفنونها ومهاراتها.
كل ما هو مفيد ابتكرته الإنسانية وأنتجته في جميع مجالات العمل جاء من المعرفة الروحية، وقد جاء من الرب، والعمل من خلال الأفراد؛ عاملين من خلال العلاقات الملتزمة، والعمل من خلال الزواجات العظيمة، والصداقات العظيمة، والإرتباطات العظيمة والعمل، والعمل من خلال العمل الخيري والعمل حتى من خلال الجهات الحكومية. حتى هم يمكن إلهامهم.
هذا ما ينتظرك. لا تلعن فقرك. أبني اتصالك بالمعرفة الروحية. لا تكرهوا ظالمكم. أبنوا اتصالكم بالمعرفة الروحية. لا تعاملوا الآخرين بقسوة. أبنوا اتصالكم بالمعرفة الروحية. ارجع إلى الرب إلى ما وضعه الرب فيك ومن أجلك ومن أجل الآخرين. هذا هو الطريق.
يجب أن تبني الثقة في هذا على الرغم من أنك لا تستطيع في الوقت الحالي معرفة ما إذا كان هذا صحيحاً أو معرفة ما سوف ينتج لك وللآخرين. هذه هي قيمة الإيمان، أنك تستغل شيئاً أعظم في داخلك يتجاوز فهمك، لا تحدده مواقفك أو أهدافك أو مطالبك.
سوف يأتي القديسون العظماء بينكم من الفقراء أكثر من الأغنياء. إن المخترعين العظماء، والأطباء العظام، والمهندسين العظماء، والحرفيين العظماء، والسياسيين العظماء، والقادة العظام للإنسانية سوف يأتون غالباً من أدنى مستويات المجتمع. لقد أثبت التاريخ ذلك.
هذا نداء الرب لكم. هذه هي المعجزة. هذا لن يمنحكم سمكة لليوم فقط. سوف يعلمك الصيد إلى الأبد. سوف يعطيكم حياة جديدة. سوف يمنحكم اتجاهاً جديداً وإلهاماً جديداً. هذا ما يقدمه الرب. الناس يريدون أشياء أخرى. هذا ما يقدمه الرب.




