الاستنارة


Marshall Vian Summers
يوليو 29, 2013

:

()

عندما تصبح عيناك واضحة أخيرًا ويمكن لعقلك أن يهدأ حقًا لأي فترة من الوقت، ستبدأ في تجربة لحظات من الاستنارة، لحظات تستطيع فيها الرؤية أبعد مما تبلغه الحواس العادية وسماع أشياء أجمل بكثير مما يمكنك سماعه على الأرض.

هذه هي علامات الاستنارة. قد تكون في البداية لحظية فقط، لكنها ستكون على تناقض عظيم مع كل تجاربك الأخرى. حتى أسعد لحظاتك أو أكثر تجاربك رضا لا يمكن أن تقارن بها بأي شكل.

كأنك قد حصلت على عيون لترى شيئًا كان موجودًا بالفعل، كان دائمًا موجودًا، يحيط بك باستمرار. لكن عيناك مركزة على نوع مختلف من الواقع. وأنت مرتبط بهذا الواقع تمامًا، منصب عليه تمامًا، لدرجة أنك لا تستطيع رؤية كل شيء آخر.

هذا الواقع الأعظم يشبه النجوم المتلألئة فوقك. لا تتلألئ فقط في الليل، بل تتلألئ في كل لحظة من كل يوم، لكن ربما تهتم بالنظر إليها فقط لبرهات قصيرة، وبشكل نادر جدًا. لكنها دائمًا موجودة.

عيون الجنة تراقبك دائمًا، كل لحظة من كل يوم، لكن ربما مرة أو مرتين فقط في العمر ستختبر هذا بشكل مباشر أكثر. حتى تبدأ في اتخاذ الخطوات إلى المعرفة الروحية، سيكون هذا هو الحال بالنسبة للجميع تقريبًا، لأن حواسهم صُممت لتتفاعل وتستجيب للعالم. أفكارهم مركزة هنا. مشاكلهم موجودة هنا. ترددهم موجود هنا. افتقارهم للمغفرة، وافتقارهم لاحترام الذات، موجود هنا.

كأن عقلك حي فقير، يعيش في جزء من مدينة أكبر، بعيدًا عما هو جميل وأنيق. ربما حياتك تشبه مصنعًا، حيث يُضطهد الناس للعمل كثيرًا. هذه مجرد أمثلة لحالات مختلفة من العقل.

شراء طريقك إلى حياة جميلة لا يغير هذه الحالات كثيرًا. أنت تحمل معك ظلامك الداخلي، بغض النظر عن مدى روعة ظروفك. والمتعة التي تشتريها، ستبهت منها قريبًا، لأنها لا تعطي الكثير من الرضا.

في كل لحظة من كل يوم، أنت تعيش في الخلق — ليس المشهد المادي الذي تراه، أو المشهد الحضري الذي تراه، بل في الخلق نفسه. لهذا السبب، في اتخاذ الخطوات إلى المعرفة الروحية، يتم تعليمك أنك سترى عالمًا جديدًا بالكامل بمجرد أن تصبح عيناك واضحة وعقلك سكانًا ومتصلًا بالمعرفة الروحية الأعمق التي وضعها الرب بداخلك.

نعم، أنت ما زلت في العالم. ما زلت هنا تفعل ما من المفترض أن تفعله، أو تحاول أن تجد ما من المفترض أن تفعله، وهو ما يحدث في أغلب الأحيان. لكنك ستحظى بومضات، كما ترى. وهذه الومضات مهمة، لأنها تتحدث عن واقع أعظم تعيش فيه في هذه اللحظة لكنك غير واعي له إلى حد كبير وغير متاح له. منشغل أنت كثيرًا، مشتت كثيرًا، منغمس كثيرًا في مخاوفك ورغباتك والتزاماتك، كأن الجنة لا تستطيع لفت انتباهك. لكن الجنة هنا.

بين التجمع الملائكي، هناك من يُكلف بمراقبتك. لن يكون أحد الشخصيات العظيمة، بل أحد مساعديهم بدلًا من ذلك. سيراقبونك وغيرك. لذا، بمعنى ما، أنت لست وحدك أبدًا، وكل الأشياء التي تفعلها وحدك والتي هي مهينة أو مخزية لك، يتم مراقبتها من قبل شخص آخر.

لا يمكنك الهروب من هذه الحقيقة، لأنه لا يوجد خصوصية حقيقية في الكون، وفي كون الخلق، الجميع يعرف كل شيء عن الجميع. لذا فكرة الاختباء والتظاهر غير ضرورية. لا تُطرح حتى.

لكن هذا ليس مكانك الآن. هذا هو المكان الذي أتيت منه أصلاً، وهذا ما ستعود إليه في النهاية. لكنك هنا كإنسان، كفرد، تحاول البقاء وتحقيق شيء ذي قيمة في العالم، تتعامل مع عالم مليء بالصعوبات — عالم يتطلب تكيفًا مستمرًا واتخاذ قرارات؛ عالم لا يمكن التنبؤ به، رغم كل تأكيداتك بالأمان؛ عالم يمكن أن يتغير في لحظة، حياة يمكن أن تتغير في لحظة.

أمانك الحقيقي الوحيد هو قوة المعرفة الروحية التي وضعها الرب بداخلك لتوجهك، لتحميك وتقودك إلى حياة أعظم إذا كنت مستعدًا وتتخذ الخطوات إلى المعرفة الروحية.

عندما نتحدث عن الاستنارة، لا تظن أن هذا هو هدف حياتك. الكثيرون افترضوا ذلك وكرسوا أنفسهم لممارسات روحية شاقة لمحاولة بلوغ هذه الحالة، التي تبدو بعيدة المنال وقد لا تُكتسب إلا بعد استثمار عظيم للوقت. لكن حتى لو بلغت هذه الحالة، وهو ما يفعله قلة قليلة جدًا من الناس، سيتعين عليك العودة لخدمة العالم، كما كان على المعلمين العظام دائمًا القيام بذلك.

لذا من الأصح القول إنك تحقق لحظات من الاستنارة باتباع المسار الذي ترسمه لك المعرفة الروحية: الدخول في علاقة مع الجنة، وتوجيه عقلك الشخصي لخدمة المعرفة الروحية.

هذه مهمة أعظم بكثير مما قد تظن. في الحقيقة، إنها مختلفة عن أي شيء تعتقده، لأن أفكارك دائمًا ما تكون موجهة نحو التقدم-الذاتي، والإثراء-الذاتي، والحماية-الذاتية، لكننا نتحدث هنا عن شيء مختلف جدًا.

إذا كنت ستتبع حياة ذات غاية ومعنى أعظم، فستحظى بلحظات من الاستنارة. ستحدث فقط لأن رؤيتك أصبحت أكثر دقة. عقلك في انسجام أعظم مع الهدف الأعظم التي أتت بك إلى هنا. لقد حررت نفسك من العلاقات المفرقة والمدمرة وكوّنت تحالفات جديدة يمكنها دعمك حقًا وبشكل ذي معنى هنا.

هذا يستغرق وقتًا طويلاً لتحقيقه بشكل عام. لا يوجد حبة سحرية. لا يوجد زر سحري. لا يوجد مصعد يأخذك إلى الجنة. عليك أن تُشكل اتحادًا جديدًا داخل نفسك، وهذا يمثل الغاية الأساسية من معظم الممارسات الروحية، [وهي] إعادة توجيه العقل من محاولة أن يكون سيدًا وسلطاناً لنفسه إلى خدمة ما هو موجود لتوجيهه، وهو ما وضعه الرب بداخلك لتوجيهه. هذا سيغير كل شيء — قيمك، أولوياتك، حوافزك، مشاكلك، كل شيء.

عندما تكون قد صرت أخيرًا على المسار الحقيقي لحياتك، عندها يمكن أن تحدث لحظات الاستنارة هنا وهناك. ستريك شيئًا كنت تعرفه دائمًا لكنك نسيتَه منذ زمن طويل.

في هذه اللحظة، سترى عالمًا من الوحي، عالمًا من النور، عالمًا من الخلق المذهل، وسيبدو العالم المادي وكأنه مُطبع فوق هذا الواقع الأعظم. هنا قد ترى حتى عالمًا من الظلام مُطبعًا فوق عالم من النور العظيم والتوسع.

ستدرك أن الاثنين موجودان، لكن الواقع الأعظم دائم، بينما الواقع المتغير مؤقت. وستدرك أنه عليك خدمة هذا الواقع المؤقت لأن هذه هي مهمتك، وهذا يمثل ذروة عودتك، خلاصك الشخصي.

لن يكون هناك جدال هنا. إنه ببساطة شيء طبيعي. لكن في هذه اللحظة، التي ستبدو خالدة، سترى الخلق نفسه مع الواقع المادي مطبوعًا عليه. قد تحظى حتى بلحظة ترى فيها الواقع الأعظم بوضوح، لكن هذه مجرد لحظة، لأنه عليك العودة. لا يمكنك الهروب إلى هذا. هذا ليس هدف هذه التجربة.

هدف هذه التجربة هو تحريرك من الخوف وإعطاؤك شدة أعظم في انسجامك الحقيقي مع المعرفة الروحية، لأنك هنا تصبح في انسجام مع كل الحياة في الخلق نفسه. المعرفة الروحية هنا ليست مستشارك الشخصي. إنها اتصالك بكل شيء. إنها اتصالك بمن أرسلوك إلى العالم. إنها اتصالك بعائلتك الروحية. إنها اتصالك بالرب.

إذا كانت عيناك واضحة حقًا، إذا كان عقلك ساكنًا حقًا وموجّهًا بشكل صحيح، فستشعر بوجود عائلتك الروحية معك، بشكل متزايد، وفي عدد متزايد من المواقف لأنهم هناك، كما ترى. لا يمكنك الهروب تمامًا من الواقع الذي أتيت منه والذي ستعود إليه. إنه هناك معك الآن.

هذه هي طاقة الخلاص القوية جدًا، لكنها موجودة خارج حدود الانفصال — حدود واقع منفصل، هوية منفصلة وكل ما يتعلق بذلك. إنه مثل الاستيقاظ خلال الحلم وليس فقط بعد انتهاء الحلم.

المعرفة الروحية هي اتصالك بهذا الواقع الأعظم، لأنها الجزء منك الذي لم يترك الرب أبدًا. ما زالت متصلة بالجنة. لهذا هي لا تخاف. لهذا هي قوية. لهذا هي غير متناقضة. لهذا هي متأكدة من مهمتها وهدفها هنا على الأرض.

بينما يتذبذب عقلك — ساعيًا وراء المتعة، هاربًا من الخوف، منغمسًا في الخيال والمأساة، مُهدرًا حياتك في أشياء لا معنى لها — الجزء الأعظم منك واثق، يناديك، ينتظرك أن تستجيب، يحاول لفت انتباهك حتى يتمكن من تصحيح أخطائك ومنحك اليقين الذي سعيت إليه عبثًا في أشياء أخرى كثيرة.

الاستنارة إذن هي علامة على ما هو صحيح حقًا في حياتك، ما يناديك وما يقويك في عودتك.

الجنة تراقبك. لهذا لا يمكنك أن تفعل شيئًا وحدك، لأنك لست وحدك أبدًا حقًا، كما ترى. ربما في البداية سيبدو هذا تدخلاً. سيبدو غير مرحب به. سيبدو قاسيًا. سوف تقاومه وتستاء منه، لكن بمجرد أن تعود إلى رشدك، ستدرك كم هذا مصدر شدة عظيم، لأن العيون التي تراقبك عطوفه تمامًا.

هذا هو الدليل على أنك لم تغادر الخلق حقًا أبدًا، والتجارب التي ستمنحك إياها ستعزز هذا الفهم، الذي بدأ للتو في الظهور في هذا الوقت.

وحي الرب الجديد يوفر المسار إلى الاستنارة، لكن الاستنارة هي مجرد نتيجة لتحمل خدمة أعظم في العالم ومسار أعظم من الإعداد. إنها ليست هدفًا في حد ذاتها. لم تأتِ إلى العالم لمجرد محاولة الهروب منه، لأن لديك هدفًا في وجودك هنا، مهمة لخدمتها أثناء وجودك هنا. وقدرتك على الانخراط في هذا وتحقيقه ستقوي قدرتك على العودة، لأن قلبك يسعى للعودة إلى مصدره. تحت كل رغباتك وأهدافك وتطلعاتك الأخرى، هذا هو الهدف الأعمق والأقوى.

هذا سيأخذك حتى إلى ما وراء مفاهيمك عن الحب والسعادة وكل الأشياء المرتبطة بذلك، ليس لأن هذه الأشياء لا قيمة لها، فالكثير منها له قيمة عظيمة، لكن ببساطة لأن هناك مملكة أعظم تنتظرك. بقدر ما يمكنك تجربة هذا، حتى لو للحظة، ستتمكن من نقل حضوره للآخرين، مما سيمنحهم الطمأنينة والشدة والتشجيع بطريقة لا يمكن لعقلك أن يفعلها أبدًا.

كل الآخرين هنا يسعون إلى هذا أيضًا. بغض النظر عن الطبيعة المدمرة لانخراطاتهم، والسعي اليائس الذي يحاولون تحقيقه، والمآسي التي صنعوها، والأخطاء التي ارتكبوها، والوقت الضائع الذي أنتجوه، هذا لا يزال ميلهم الأعمق.

هدف أعظم في الحياة سيعيد إليك اتصالك بالواقع الأعظم. في البداية، سيكون هذا موجودًا فقط على مستوى أفكارك، مما يخلق صورًا وأفكارًا عن ما هو حقًا خارج قدرة عقلك على الفهم. لا بأس في ذلك طالما أنك تعرف أن هذا ليس هو حقًا.

لأن العقل الذي تفكر به، عقلك الدنيوي، لا يمكنه إلا أن يتصور أشياء في هذا العالم. لا يمكنه تخيل الخلق. لا يمكنه تخيل حالتك الفردوسية. لا يمكنه تخيل التجمع الملائكي. لا يمكنه تخيل كل ما يوجد خارج مملكتك، في أي بُعد. من الأفضل ترك هذه الأمور مفتوحة للغموض وعدم إرهاق عقلك دون داعٍ، محاولاً خلق فهم.

نهجك هو المهم. اتخاذ الخطوات إلى المعرفة الروحية هو المهم وكل ما سيعلمك إياه، وكل ما سيتطلبه، وكل ما سيريك إياه فيما يتعلق بما تبحث عنه وما تتجنبه في حياتك اليومية.

لذالك، في البداية، الاستنارة عملية جدًا لأن هذا هو احتياجك الأكثر إلحاحًا: بناء الأركان الأربعة لحياتك — ركن العلاقات؛ ركن العمل والإعالة؛ ركن الصحة، الصحة العقلية والجسدية؛ ركن تطورك الروحي. هذه أشياء عملية جدًا في معظمها، وهذا ما ستوجهك الاستنارة للاهتمام به لأنه إذا لم يتم الاهتمام بهذا، فلن تذهب إلى أي مكان. ستنهار على جانب الطريق.

الجنة ستنادي، لكنك لا تستطيع التحرك بعد لأنك لا تملك الأساس. الأركان الأربعة تشبه الإطارات الأربعة لمركبتك. حسنًا، بدونها، لن تذهب إلى أي مكان. إذن هذا هو أساسك، وهذا ما ستحاول الاستنارة أن تقدمه لك أولاً وقبل كل شيء قبل أن تبحث عن أشياء أعظم وأكثر روعة.

حتى لو سعيت إلى أشياء أكثر روعة، فهي كلها نتاج خدمتك للآخرين، المتواضعة والصادقة والعملية. هذا هو ما سيجلب لك لحظات الاستنارة.

هذا هو اختراق حجاب الانفصال. إنه ليس نتاج أخذ عقلك إلى ممالك أعلى وأعلى، لأن عقلك الشخصي مرتبط حقًا بالعالم. عليك تجاوزه. من المفترض أن يخدم قوة أعظم بداخلك، قوة المعرفة الروحية. هذا هو دوره الحقيقي، وهنا سيعمل بشكل رائع، بينما الآن يعمل بشكل أكثر تدميرًا لأنه لا يملك السياق المناسب الذي يعمل فيه.

إذا كنت ستستمع إلى ما نقوله وتسمح لقلبك بالاستجابة، فربما تبدأ في فهم ما نقوله هنا. لأن العقل سيخلق أشياء من العقل. نحن نتحدث عن شيء أعظم من عقلك، أشياء يجب أن يخدمها عقلك، لكنه لا يستطيع حقًا نسخها بنفسه.

عندما نقول إن الخلق معك في هذه اللحظة، حسنًا، نحن نتحدث عن شيء يتجاوز نطاق تجربتك العادية. لكن إذا اختبرت هذا، يمكن أن يغير مسار حياتك ويعطيك التزامًا حقيقيًا باتخاذ الخطوات التي يجب أن تتخذها لتمييز هدفك الأعظم، الذي سيظهر بمجرد أن يتم إزالة أشياء أخرى ووضعها جانبًا. إنه نتاج الصدق-الذاتي الحقيقي.

هنا لا تتخلى عن كل شيء في العالم. أنت ببساطة تضع جانبًا تلك الأشياء التي تعترض طريقك وتثبطك. أنت تعرف بالفعل ما هي، لكنك لم تكن مستعدًا حقًا لمواجهة بعض هذه الأشياء بعد.

لذا تنتظر الجنة — تنتظرك لتفعل هذا العمل الأساسي في إخلاء المسار. عندها يمكن منحك مسارًا للخروج من الأدغال، لكن لا يمكن أن تكون متشابكًا بداخلها.

كل الأديان العظيمة في العالم يمكن أن تقودك إلى تجارب الاستنارة إذا تم فهمها بشكل صحيح وإذا كان قلبك غير ممتلئ بالضغينة والحقد، بل بالتواضع والتبجيل والرغبة في خدمة الآخرين. لكن هذا يصعب العثور عليه في التقاليد التي طُبعت بتركيزات أخرى، بأولويات ومتطلبات أخرى.

لذا فقد تحدث الرب مرة أخرى ليقدم الخطوات إلى المعرفة الروحية، مثل سلم أُرسل إلى العالم. عليك فقط الصعود، وبينما تفعل ذلك، ستتعلم أشياء لم تكن لتتعلمها من قبل. ستجد تحررًا من أشياء ظننت أنها ستكون معك إلى الأبد. سيتطهر عقلك وستصبح رؤيتك واضحة. وستستطيع أن ترى النور الموجود وراء ضباب الارتباك.