Marshall Vian Summers
فبراير 5, 1997
سوف يستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يعتاد الناس على فكرة المجتمع الأعظم. إن الأمر يمثل عتبة عظيمة، نقطة تحول هائلة للبشرية. بعض الناس سوف يتحركون نحوها. البعض سيبتعد عنها. البعض سيتحرك ضدها. هذه هي الإستجابات الثلاثة المحتملة التي يمكن أن يحصل عليها أي شخص للأفكار الجديدة والتجربة الجديدة. داخل كل من هذه الإستجابات الثلاثة المحتملة، هناك عدة مظاهر مختلفة. دعونا نلقي نظرة الآن ونرى ما تعنيه كل من هذه الإستجابات، وأين تأتي هذه الإستجابات من داخل الشخص وداخل المجتمع البشري نفسه.
الإستجابة الأولى للمجتمع الأعظم ستكون بالإبتعاد عنه. يميل البشر بشكل ملحوظ إلى المشاركة في الإنكار — إنكار الأشياء الموجودة دائماً، وإنكار الأشياء التي تمثل مشاكل حرجة في العالم، أو إنكار الأشياء التي تمثل صعوبات مزمنة، أو التصرف كما لو كانوا غير موجودين أو التظاهر بأنهم يتحكمون في شيء ما في حين أنهم ليسوا كذلك على الإطلاق.
لأن المجتمع الأعظم يمثل تغييراً هائلاً في الإدراك والفهم، لأن المجتمع الأعظم سيتطلب مثل هذا التغيير الهائل في الإدراك والفهم، سيكون هناك قدر عظيم من الإنكار. لن يرغب الكثير من الناس ببساطة في التفكير في الأمر على الإطلاق. وعلى الرغم من أن الأدلة تتزايد كل يوم على أن هناك قدراً عظيماً من الزيارات تحدث في العالم وأن العديد من هؤلاء الزوار يتدخلون في الشؤون الإنسانية، إلا أن الناس يتصرفون وكأن شيئاً لا يحدث على الإطلاق. سوف يباشرون أعمالهم الخاصة، منشغلين بشؤونهم الشخصية. إنهم ببساطة لن يسمحوا لهذا الأمر بالوصول إلى وعيهم.
هذا النوع من الإنكار منتشر في العالم. الناس لا يريدون أن يعرفوا. لماذا هذا؟ من أين يأتي هذا؟ لماذا توجد هذه الميول في الناس إلى هذا الحد العظيم؟
في الطبيعة البشرية، هناك حمايات من الألم، وهناك ضرورة معينة لتمكين الناس من اكتساب نوع من الإحساس بالسيطرة على شؤونهم. هذا ينتج الإستقرار للفرد. هذا يحافظ على دافع الفرد للعيش والإنتاجية في حالة وظيفية. ومع ذلك، فإن الآلية التي تحمي الأفراد وتحافظ عليهم تعمل ضدهم أيضاً، لأنه يمكن أن تنكر نفس الظروف والأحداث التي تهدد رفاهية الناس والتي من شأنها أن تحبط قدرتهم الحقيقية على ممارسة السيطرة على حياتهم.
عندما تقرأ التاريخ البشري، ترى الدليل على أن الناس كانوا في حالة إنكار هائل في أوقات التحدي أو التغيير. لقد تصرفوا وكأن شيئاً لم يحدث، أو إذا كان عليهم الإعتراف بحدوث شيء ما، فإنه في الوقع تحت سيطرتهم وسوف يعمل بشكل جيد.
في بعض الحالات، قد يلجأون إلى قوة أعظم، قائلين، ”الرب هو المسؤول عن هذا“ ، و ”الرب سوف يعتني بالأمر“ ، و”سينتج الرب نتيجة سعيدة.“ ومع ذلك، فإن هذه المحاولة للحفاظ على إحساسهم بالرفاهية تعرضهم بالفعل للخطر. لقد جعلهم الأمر في الواقع أكثر عرضة للأذى داخل العالم.
لذلك، يوجد داخل كل شخص آلية حماية معينة لا تسمح له بتجربة الكثير من الألم أو الكثير من عدم اليقين. ومع ذلك فهذه هي الآلية التي تعرض الإنسانية للخطر وتمنعها من حل مشاكلها عندما تكون المشاكل صغيرة. إنها بمعنى الآلية نفسها هي التي تجعل الحياة أكثر صعوبة وأكثر خطورة.
ومع ذلك، فإن الإنكار ليس مجرد نتيجة آلية بقاء داخلية. هي أيضاً نتيجة انشغال الناس. وهي أيضاً نتيجة ما قدموه من ولائهم. دعونا نشرح هذا الأمر.
إذا أعطيت ولاءك لأفكارك وتفضيلاتك، فبحسب طبيعة نهجك، فأنت على خلاف مع حقائق الحياة. أنت تصر على أن الحياة تمنحك ما تريد، وإما ستنكر أو تهمل ما يثبت أن تركيزك غير صحيح.
هذا الإنشغال بالسعادة، هذا الإنشغال بالولاء لأفكار الفرد ومعتقداته، هو نهج خطير للغاية. إنه يهدف فقط إلى الإعتراف وتعريف عناصر معينة من الحياة، وجوانب معينة من الحياة، ويسعى إلى إحباط كل شيء آخر.
على سبيل المثال، [يريد الناس] أن يصبحوا أثرياء ومرتاحين وسعداء، لكنهم لا يدركون المسار الذي ينتج عن ذلك لهم — فقدان الحيوية، وفقدان العلاقة، وفقدان حياتهم الداخلية. كما أنهم لا يريدون أن يأخذوا في الإعتبار أن هذا ربما ليس أفضل شيء لهم أو للعالم. لقد وضعوا عقولهم على هدف واحد، ولن يأخذوا في الإعتبار التكاليف. لن يفكروا في ما يعنيه هذا حقاً، وسوف يتابعون هدفهم بلا هوادة، دون أن يدركوا أن ذلك يكلفهم كل شيء وأنه في الواقع قد لا يكون مقدر لهم على الإطلاق.
فكرة المعرفة الروحية مخيفة لهم. فكرة وجود مشاكل خطيرة في العالم هي شيء لا يريدون مواجهته. إنهم منشغلون بأنفسهم وبأهدافهم الخاصة، ولكن نتيجة لذلك لن يجدوا ذاتهم الحقيقية، وهدفهم الحقيقي ومعناهم الحقيقي في الحياة. ولن يدركوا ظروف الحياة ذاتها التي ستحدد نتيجة وجودهم ومستقبل البشرية.
هذا هو في الأساس اتخاذ موقف بدون ذكاء. في المجتمع الأعظم، يتم تعريف الذكاء على أنه الإرادة والرغبة والقدرة على التَكَيَّف والخلق. هذا هو تعريف الذكاء. إنه ليس حجم عقلك. ليس عدد العمليات الحسابية التي يمكنك إجراؤها في دقيقة واحدة. إنها الرغبة والإرادة والقدرة على التَكَيَّف والخلق. لا يمكنك الخلق إذا كنت لا تستطيع التَكَيَّف على الرغم من أن العديد من الأشخاص يحاولون القيام بذلك كل يوم.
الدافع الحقيقي للإبداع يأتي من المشاركة المباشرة مع العالم، والإضطرار إلى إنشاء شيء مطلوب في العالم، شيء أنت موهوب لإنشائه، شيء لديك المهارات اللازمة لإنتاجه. هذا ذكاء. الذكاء هو القدرة على التعرف على المشكلة ومعالجتها على الفور. لا يوجد تعريف آخر حقيقي وهادف للذكاء.
البرهان على الذكاء هو القدرة على حل المشاكل بطريقة إبداعية وتحسين حالة الوجود لك وللآخرين نتيجة لذلك. ومع ذلك، فإن الإنكار، بجميع أشكاله ومظاهره، يثبت نقصاً عميقاً في الذكاء. عندما تتجنب أو تقاوم ما يقدمه لك الواقع، فأنت لا تمارس ذكائك. أنت تفقد ذكائك، وبذكائك تخسر القدرة على التَكَيَّف والخلق.
هنا يصبح السعي وراء السعادة هو أصل كل الشرور، ليس لأنه سيء بطبيعته ولكن لأن الناس يصبحون مهووسين به حتى يستبعدوا كل شيء آخر، وما سيخسرونه في سعيهم هو أمر عظيم وهادف ومهم للغاية بالنسبة لرفاهيتهم وإتمامهم.
سيذهب الكثير من الناس بعيداً عن المجتمع الأعظم. لديهم أفكارهم الخاصة. لديهم أهدافهم الخاصة. إنهم لا يريدون أن تتدخل الحياة في خططهم. سيقومون ببساطة بمنع هذا من وعيهم، أو سينكرون وجوده. أو إذا لم يتمكنوا من إنكار وجوده، فسوف يحولونه إلى شيء ممتع، شيء جيد، شيء يمكنهم التعرف عليه، شيء يدعم خططهم وأهدافهم الشخصية.
هذا يحدث في العالم اليوم. يعتقد الكثير من الناس، ”أوه، الزيارة من أشكال أخرى من الحياة الذكية هو حدث روحي عظيم“ — شيء من شأنه أن يحقق مثاليتهم العليا، وهو الشيء الذي سيمنحهم الإحساس بالتنوير والأمل والسلام الذي يبحثون عنه في حياتهم الخاصة. ومع ذلك، حتى هذه الأهداف، التي تمثل إلى حد ما الهدف الحقيقي من الحياة، يساء تقديرها ويُساء تفسيرها هنا.
لكي ترى إمكانية السلام الحقيقية — تنمية الهدوء، وتحقيق تناغم أعظم في الأسرة البشرية — يجب أن تعمل مع الواقع كما هو في الواقع. لا يمكنك فرض مثاليتك أو قيمك، لأن الحياة لن تستجيب لذلك وستفقد كل من طبيعتك الحقيقية داخل نفسك وواقع الحياة من حولك. ستصبح مغترباً عن الحياة وعن نفسك، والمثالية العليا التي اعتقدت أنها سوف تمنحك مكافآت أعظم في الحياة، في الواقع سوف تسلبهم منك.
هناك الكثير من الناس في العالم اليوم يأملون ويعتقدون أن حضور المجتمع الأعظم هنا سيجلب السلام والإتزان والحل الحقيقي للحياة البشرية. إنهم لا يريدون رؤية الوضع الحقيقي. إنهم يريدون فقط رؤية ما يريدون رؤيته، وهذا ليس برؤية. إنهم يريدون فقط التفكير فيما يريدون أن يفكروا به، لكن هذا ليس تفكيراً.
إنهم لا يمارسون ذكاءهم هنا. إنهم لا يطلبون المعرفة الروحية بداخلهم لكشف الحقيقة الحقيقية. إنهم لا يفتحون أعينهم ليروا الأشياء كما هي بالفعل. هذا شكل من أشكال الإنكار. هذا ابتعاد عن الواقع. هذا هو تجنب معنى و هدف و طبيعة الحياة.
لذلك، عندما نقول إن الناس سوف يبتعدون عن المجتمع الأعظم، يمكن أن يتجلى ذلك في العديد من الطرق المختلفة. سوف يبتعد الكثيرون ببساطة، معتقدين أن هذا غير موجود، ولن يكون هناك ما يكفي من الأدلة في العالم لإقناعهم. ما لم يتم الإستيلاء على حياتهم، فسوف ينكرون ويتجنبون حقيقة أن المجتمع الأعظم موجود في العالم ويلقي تأثيراً عظيماً في العالم.
سيعتبر الآخرون أنه احتمال، لكن استنتاجاتهم ستتم فقط لتعزيز أفكارهم ومعتقداتهم. إنهم لا يريدون أن تتعرض رؤيتهم للعالم للتهديد أو التحدي. إنهم يريدون من الحياة فقط تأكيدها، ولذا سيستخدمون الدليل على أن المجتمع الأعظم موجود في العالم لتأكيد رؤيتهم للعالم، مهما كانت. سوف يعترفون بأنه حقيقة، لكنهم سوف يفسرون الأمر لخدمة مصالحهم وأهدافهم الشخصية.
سوف يستديرون وينظرون، لكنهم لن يروا، لأنهم سيرون فقط أفكارهم ومعتقداتهم، غير قادرين على رؤية ما وراءها. يمثل هذا الإنكار والتجنب — عدم القدرة على المشاركة في الحياة كما هي بالفعل، وعدم القدرة على فتح العقل والتفكير في شيء جديد، وعدم القدرة على أن تكون عرضة للحياة، وعدم القدرة على البدء من جديد في تطوير مجموعة جديدة من نقاط الشدة والقدرات.
كثير من الناس سيذهبون بعيداً. الناس الآخرون سيعارضون المجتمع الأعظم. غير قادرين على الرحيل أو إنكار وجوده، سوف يناضلون ضده. سيعتقدون أن الزوار موجودون هنا لتدميرهم. سيعتقدون ربما أن الزوار يمثلون قوى شيطانية وسيحاولون تفسير وجودهم هنا بناءً على التعاليم الدينية القديمة في العالم.
بمعنى ما، إنهم يمارسون التجنب أيضاً لأنهم لا يستطيعون إدراك أن الزائرين كائنات واعية مثلهم، مدفوعة بإحتياجاتهم وانشغالاتهم، مثلهم. سوف يحولونهم إلى شياطين، إلى عملاء للشيطان.
سوف يفسرون واقع المجتمع الأعظم من منظورهم الديني، لكنهم لن يروا. سوف يقاتلون ضد المجتمع الأعظم، ويصرون على أن تُترك البشرية وحيدة لتفعل ما تريد، لكنهم لن يفهموا أن الإنسانية على عتبة جديدة وأن حضور المجتمع الأعظم يمثل تطور الحياة داخل هذا العالم. سوف يقاتلون للحفاظ على أفكارهم الدينية. سوف يقاتلون من أجل الحفاظ على هويتهم الذاتية كما يعرفونها دون قبول احتمال وجود بانوراما جديدة للنمو والتنمية.
سوف يناضلون ضد هذا الواقع. سوف يرون ذلك من موقفهم المتراجع. ومع ذلك، لن يفهموا ما الذي يتعاملون معه. هم أيضاً لن يكونوا قادرين على الرؤية على الرغم من أنهم يبحثون. سيحكمهم الخوف والقلق.
الإستجابة الثالثة الممكنة هي التوجه نحو المجتمع الأعظم، والإعتراف بأنه واقع، والإعتراف بأنه جديد، والإدراك أنه يحتاج ويتطلب نهجاً جديداً وفهماً جديداً. سيكون هناك عدد قليل من الناس في العالم سيتعرفون به وسيبذلون محاولة صادقة لفهم معناه. إذا تمكنوا من تحقيق النجاح، وإذا تمكنوا من تعلم طريقة المجتمع الأعظم للمعرفة الروحية، فسيكونون في وضع يسمح لهم بتثقيف وتوجيه الآخرين وسيكونون هم أنفسهم قوة إيجابية للتقدم داخل العالم.
ومع ذلك، فهم يواجهون أيضاً صعوبات عظيمة، لكن يجب عليهم أن يتعلموا رؤية الوضع بأعين جديدة وبفهم جديد. يجب أن يطوروا إدراكهم وفهمهم. يجب أن يكونوا قادرين على التعلم على الحياة في المجتمع الأعظم، لفهم معنى ونية الزوار. يجب أن يكون لديهم القدرة على رؤية أن الزائرين ليسوا كملائكة وليسوا كشياطين ولكنهم كائنات واعية حقيقية مثلهم. يجب عليهم تجاوز ثنائية الخير والشر من أجل الرؤية بوضوح وموضوعية.
سيتعين عليهم أيضاً التعامل مع الإنكار الهائل الذي سيكون موجوداً والخوف والعداء الذي سيكون موجوداً في كل مكان من حولهم. إما أن الناس لا يريدون أن يعرفوا أو سينظرون للأشياء بخوف ودفاع فقط. سوف يتعين عليهم التعامل مع هذه المواقف والمعتقدات السائدة، والتي ستشكل في بعض النواحي عقبة أعظم من حضور المجتمع الأعظم نفسه.
سيتعين عليهم تعلم كيفية التمييز بين ما يؤمنون به وما يعرفونه. سيتعين عليهم التعرف على الخرافات الموجودة حتى في تفكيرهم وتقييماتهم. سوف تكون متطلبات التعلم الخاصة بهم هائلة، ومع ذلك سيكون لديهم فرصة للإكتشاف والخلق والتَكَيَّف، والتي لن تتوفر لأي شخص آخر من حولهم.
لذلك، هناك ثلاث استجابات محتملة للمجتمع الأعظم. هذه هي نفس الإستجابات الثلاثة المحتملة التي يمكن للمرء أن يمتلكها لأي تجربة جديدة في الحياة. هذه هي الإحتمالات الثلاثة التي يمكن لأي شخص أن يواجهها في مواجهة صعوبة أو محنة في الحياة.
يمثل حضور المجتمع الأعظم صعوبة ومحنة وفرصة. ومع ذلك، من هو في وضع يسمح له بإدراك ذلك؟ من يستطيع رؤية هذا؟ من يستطيع رؤية الأشياء كما هي بالفعل؟ من لديه الشجاعة للنظر؟ من لديه القدرة على تمييز الفرق بين الواقع وإدراكه الشخصي؟ من لديه الصبر والمثابرة لتعلم طريقة المجتمع الأعظم للمعرفة الروحية؟
هناك قوى جبارة في العالم تبقي البشرية في حالة من الجهل. في بعض الحالات، يحاولون القيام بذلك حسب نيتهم. في حالات أخرى، يفعلون ذلك عن غير قصد لأنهم جاهلون.
تحاول الحكومات في العالم إبقاء شعوبها مطيعة وممتثلة. يتم ذلك عمداً. إنهم يعتقدون أن الأمر متروك لهم لحل مشاكل العتبة العظيمة وأن الشخص العادي غير مجهز أو قادر على القيام بذلك. إنهم يمنحون أنفسهم السلطة الوحيدة والمسؤولية لحل المشاكل العظمى للإنسانية. لكن دون إرادة السكان، كيف يمكنهم فعل ذلك؟ إنهم لا يؤمنون بالمعرفة الروحية. إنهم يؤمنون فقط بالإقناع والتلاعب.
تريد المؤسسات الدينية في العالم اليوم الحفاظ على معتقداتها القديمة. يريدون الحفاظ على سلطتهم. إنهم يريدون الحفاظ على التفسير التقليدي للألوهية والهدف البشري والمصير.
بالنسبة لهم، يمثل المجتمع الأعظم مثل هذا التحدي وتهديداً لدرجة أنهم أكثر عرضة لإنكاره تماماً. وإذا أدركوا ذلك وأصبحوا قادرين على تفسيره بحكمة، فهل ستكون لديهم الشجاعة والنزاهة لتثقيف الناس وتثقيف أتباعهم وطوائفهم؟
هذه أسئلة جادة للغاية. يمكن العثور على الإجابة عليهم من خلال النظر إلى داخل نفسك، في ميولك الخاصة، إلى معتقداتك الخاصة. كل الميول التي تحدثت عنها حتى الآن موجودة بداخلك لأنك كنت تنكر أشياء في حياتك في الماضي. لقد ناضلت ضد التغيير والشدائد. وفي بعض الأحيان، توجهت نحو شيء كان جديداً ويتطلب منهجاً جديداً.
أنت الذي تقرأ هذا الكتاب أظهرت كل هذه الإستجابات الثلاثة المحتملة. حتى وأنت تقرأ هذا الكتاب، حتى وأنت تواجه التحدي والفرصة التي نقدمها هنا، يمكنك أن تشعر بهذه الميول في داخلك. كلها موجودة. وبالتأكيد ستراهم في كل مكان حولك في الأشخاص الذين تعرفهم وفي المضمون والتركيز وأولويات العامة.
اقرأ في جرائدكم. سترى أين توجد الأولويات البشرية. الناس مفتونون بالقتل والفوضى ولكنهم لا يريدون مواجهة الأحداث العظمى التي تحدث في الحياة. إنهم لا يريدون مواجهة حقيقة أن الإمدادات الغذائية في العالم آخذة في التناقص، وأن التربة السطحية تتضاءل، وأن النظم البيئية تتفكك، بشكل متزايد هناك فرص أقل للحياة ومحن أعظم.
إنهم لا يريدون حتى التعرف على إمكانية وجود المجتمع الأعظم في العالم. ربما سيفكرون، ”حسناً، لسنا بحاجة إلى مشكلة أخرى كهذه!“ هناك عجز أساسي هنا لرؤية الحياة كما هي بالفعل والتمييز بين ما هي مشكلة صغيرة وما هي مشكلة عظمى. هذا العجز تدعمه المؤسسات القوية في العالم اليوم.
فقط بسبب الأعمال الشجاعة للأفراد والجماعات الصغيرة، تملك البشرية بعض الأمل في مواكبة ظروفها المتغيرة. يجب أن يكون هناك المزيد من هؤلاء الأفراد. لا يمكن أن تكون ببساطة مسؤولية شخص أو شخصين موهوبين هنا وهناك. يجب أن يشعر كل شخص بالحاجة إلى التعليم. لا يمكنك الإعتماد على مؤسساتكم وحدها، لأنها قد تكون غير راغبة أو غير قادرة على توفير التعليم الأعظم الذي تحتاجون إليه. إنها مسؤوليتك. إنها إستجابتك.
إذا ابتعدت عن المستقبل، فسوف يتغلب عليك. إذا قاتلت المستقبل، فسوف يهزمك. إنما إذا تمكنت من المضي قدماً نحو المستقبل وإعداد نفسك للمستقبل، فستكون مجهزاً ليس فقط للتعامل معه بشكل مباشر، ولكن لإستخدامه لتحقيق نتائج مفيدة لنفسك وللآخرين. هذا ما هو ضروري الآن.
في داخلك طبيعة عظيمة وطبيعة ضعيفة. طبيعتك العظيمة تتمثل في واقع المعرفة الروحية بداخلك. طبيعتك الضعيفة هي ميلك لمحاولة العيش دون معرفة روحية والإعتماد على أفكارك وتفضيلاتك لإرشادك. هنا يجب عليك أن تختار، ليس فقط مرة واحدة ولكن مراراً وتكراراً، البحث عن طبيعتك الأعظم والمطالبة بها والحصول على القوة والمسؤولية الأعظم التي يمنحها لك ذلك الأمر.
إذا كنت تسعى للهروب والعيش في عالم من الخيال، مع إعطاء كل اهتمامك لعلاقاتك أو هواياتك أو أهدافك الشخصية، فلن تكون في وضع يسمح لك بالمساهمة في الحياة، وستبدو الحياة كذلك. محنة عظيمة لك.
إذا كنت تكافح ضد التغيير والوُحِيٌّ الجديدة، فسوف تكافح ضد نفسك، لأن المعرفة الروحية بداخلك تسعى إلى المضي بك قدماً في المستقبل من خلال تمكينك من التعامل مع الحاضر بطريقة حقيقية ومثمرة. ومع ذلك، إذا كنت متمسكاً بأفكارك، وإذا تمسكت بمعتقداتك وارتباطاتك، فلن تكون قادراً على الاستجابة للمعرفة الروحية. ستصبح الحياة بالنسبة لك بمثابة ساحة معركة، وسوف تكون السعادة ويكون السلام والإتزان غير معروفين لك.
هناك مشكلة أخرى. هذه هي مشكلة التأثير. هذه هي مشكلة افتقار البشرية إلى المهارة والوعي بالبيئة العقلية. يحاول حضور المجتمع الأعظم اليوم تأسيس وجوده في العالم. إنهم هنا للحصول على موارد من العالم. إنهم يحاولون التأثير على التفكير البشري.
جزء من أجندتهم هو أخذ أذكى الأفراد وأكثرهم حرية في التفكير، أولئك الذين ربما يكونون الأقل تقليدية أو الأقل تحفظ في نهجهم، وتهدئتهم. هنا نرى، على سبيل المثال، تأكيداً روحياً على السلام والوئام والتراجع عن الحياة. إنما هذا ليس تراجعاً إلى الصومعة أو الدير حيث يتم التركيز والنشاط الروحي الحقيقي. بل هو أشبه بالتراجع عن الحياة نفسها.
هناك بعض التعاليم الروحية في العالم اليوم [التي] ليس لها مصدر إلهي. إنها نتاج تدخل المجتمع الأعظم. إنها تحفز الناس على البحث عن السعادة والراحة وراء كل شيء، ووضعهم في عملية تراجع عن الحياة والتراجع عن أنفسهم.
في حين أن هذه التعاليم تعد بالتنوير، والسعادة الغير محدودة، والإتزان والبهجة الغير منقطعة، إلا أنها في الواقع تحيد الميول العميقة للأشخاص المتأثرين وتضعهم في وضع لا يمكنهم من الرؤية، ولا يمكنهم من المعرفة ولا يمكنهم من أخذ الفعل وفقاً للمعرفة الروحية. رغباتهم وتفضيلاتهم وآمالهم منغمسة لدرجة أنهم لا يستطيعون رؤية أو معرفة أي شيء آخر.
إنه من اللافت أنه مع تزايد متطلبات العالم أكثر من أي وقت مضى، والمطالبة بالحل، والنداء إلى المشاركة الإيجابية، والنداء إلى المساهمة، أصبح الكثير من الأشخاص الذين هم في وضع يمكنهم من تقديم هذه الأشياء مهدئين ومعوقين. يتراجعون إلى قراهم الصغيرة في الجبال أو على الشاطئ. يذهبون بعيداً عن الجميع وكل ما يجدونه مقيتاً. إنهم يسعون إلى عزل أنفسهم والنأي بأنفسهم في عالم خالٍ من الضيقة، في عالم خالٍ من الصعوبات.
ومع ذلك فهم يتساءلون عن سبب وجود مثل هذه الضيقة داخل أنفسهم. ربما يتم تعليمهم أنه جزء من كشفهم الروحي بينما في الواقع يكون الصراع الذي يواجهونه هو نتيجة عدم القدرة على المشاركة في الحياة داخل أنفسهم أو الحياة داخل العالم. إنهم يعانون، لكن معاناتهم مبررة. إنهم يريدون تسليم سلطتهم إلى قوة أعظم، لكنهم لا يملكون الحكمة أو التمييز لمعرفة من يسلمون أنفسهم أو ما يعنيه هذا حقاً.
لذا فإنهم يعطون كل شيء للتوجيه، لكنهم لا يعرفون من يوجههم. يريدون التحرر من مسؤوليات الحياة. يريدون من شخص آخر أن يتخذ القرارات نيابة عنهم. إنهم يعتقدون أن كونهم مثل الأطفال الصغار، خاضعين، منقادين بيدهم، هو السبيل لعيش الحياة وأن تكون أصيل في الحياة. لقد فقدوا سلطتهم. يفقدون الإتصال بأرواحهم، ويؤمنون طوال الوقت أنهم يعيشون حياة روحية حقاً.
إنهم ليسوا في وضع يسمح لهم بمواجهة المجتمع الأعظم. إنهم ليسوا في وضع يسمح لهم بفهم المجتمع الأعظم. إنهم ليسوا في وضع يسمح لهم باستخدام سلطتهم الخاصة لإستدعاء قوتهم الخاصة، ووضع تفضيلاتهم جانباً، والمخاطرة بسعادتهم، وفعل شيء حيوي وضروري في الحياة. لقد فقدوا الرغبة في الإنخراط في الحياة. لقد تخلوا عن سلطتهم.
أستطيع أن أؤكد لكم أن الخالق لا يريد هذا. ليس هذا هو الطريق. ينصب تركيز الخالق والكيانات الغير مرئية على جعل الناس أقوياء ومسؤولين وقادرين. ليس من أجل توليد نوع من الرفاهية الروحية حيث يأمل الناس ويتوقعون أن يتم توفير كل شيء لهم.
يمكنني أن أؤكد لكم أن قوى المجتمع الأعظم التي تتفاعل مع الإنسانية ستستفيد استفادة كاملة من هذه الإتجاهات وستستخدمها لمصلحتهم الخاصة. سوف يدرسون هؤلاء الأفراد. سوف يحيدون ميولهم العميقة. سيستغلون سذاجتهم. وسيوجهون نواياهم الحسنة.
ربما في هذه المرحلة تفكر، ”يا إلهي! هل هذا ممكن؟ كيف يمكن لهذا الأمر أن يكون؟“ ولكن عندما تكتسب مهارة وفهماً للبيئة العقلية، سترى الفرصة التي يوفرها هذا الأمر للزوار ومدى سهولة الإستفادة منها نسبياً.
لا تثق بأي تعليم روحي لا يؤكد سلطتك، ولا يؤكد على استعادة المعرفة الروحية بداخلك، ولا يدعوك إلى العالم للإستجابة والعمل، والمساهمة، والتعلم والعطاء. لا تستجيب لأي تعليم روحي يحرمك من مسؤوليتك للقيام بذلك ولا ينمي بداخلك حكمة حقيقية وعملية.
يجب أن تميز هذا بنفسك إذا كنت ستصبح من بين هؤلاء الأفراد الشجعان الذين سيختارون مواجهة الحياة و الإنخراط في الحياة ، و الذين سيختارون أن يصبحوا أقوياء في طريقة المعرفة الروحية و الذين سيختارون تطوير الحكمة.
كما قلنا، فإن الميول الإنسانية وليس نوايا الزوار هي التي ستكون أكثر الأشياء صعوبة وتثبيطاً للتعامل معها. لأن هناك تحضيراً لتعلم كيفية تفسير حضور المجتمع الأعظم في العالم والتعامل معه وربطه. ليسوا كلهم أقوياء. هم ليسوا كلي القدرة. إنهم يعتمدون على الضعف البشري ليؤسسوا أنفسهم.
ولكن حيثما تظهر شدة الإنسانية، سوف يجدون أن الإنسانية ستكون أكثر من مجرد جولة واحدة، وسيتعين عليهم تعديل أجندتهم، وسيتعين عليهم تغيير نهجهم، وسيتعين عليهم تعلم احترام الحقوق والإمتيازات وهيمنة الوجود الإنساني.
ومع ذلك يجب أن تكسبوا احترامهم. يجب أن تثبتوا قدراتكم. يجب أن تضعوا حدودكم. يجب أن تكتسبوا التمييز. يجب أن تمارسوا سلطتكم. حتى لو كنت الشخص الوحيد الذي تعرفه يفعل هذا، يجب عليك القيام بذلك.
انظر إلى الحياة. كن طالب علم للمعرفة الروحية. دع القوة الأعظم تظهر في داخلك. سوف تنشطك. سوف تمنحك الشجاعة والشدة والمثابرة. سوف ترفعك فوق الإحباط وإنعدام الثقة. سوف تعطيك نور الحياة. ستمنحك ما يريده الخالق لك، وسوف تمكنك من فعل ما يريدك الخالق أن تفعله. سوف تمكنك من الإرتقاء فوق ضباب الإنكار البشري والتناقض والعداء البشري. سوف تخرجك من عالم الإيمان إلى عالم اليقين والحكمة والشدة.




