المعاناة


Marshall Vian Summers
يوليو 5, 2017

:

()

من الواضح، أن كل فرد في العالم، حتى أصغر الأطفال، يعرف المعاناة — الألم الجسدي، والألم العاطفي، والألم النفسي، وآلام الانفصال، وآلام العيش في بيئة صعبة في الواقع المادي. هذا الألم له أبعاد عديدة. إنه مرتبط بالتأكيد بالحاجة والخوف والتفاقم من نوع ما.

لقد أدت محاولة الهروب من هذا الألم إلى قيام البشرية بأشياء عظيمة وأمور مدمرة للغاية: أشياء عظيمة في إنتاج الرعاية الطبية والأدوية، والتعاطف، والخدمة، والعناية بالآخرين، وأنشطة الشفاء وما إلى ذلك. لكنها قادت أيضاً البشرية إلى مساعي التحقيق الشخصي التي كان في داخله مصادر معاناة واستمراراً للمعاناة.

بل إنه أدى بالناس إلى الحرب، سعياً إلى معارضة الآخرين الذين يلومونهم على معاناتهم؛ القسوة تجاه الآخرين والأعراق والأديان والأقليات الأخرى وما إلى ذلك. إذاً، فإن الهروب من الألم قد اتخذ العديد من السبل، بعضها مفيد بالكامل والبعض الآخر غير مفيد.

من الضروري أن نبدأ هذا الفهم برؤية أن المعاناة هي جزء من العيش في انفصال — الانفصال عن مصدرك، عن حياتك الأبدية التي أتيت منها والتي سوف تعود إليها في النهاية. إن المعاناة شرط للعيش في الواقع المادي، في جسم يجب إطعامه ورعايته وحمايته من العناصر، وحمايته من عدوان الآخرين ومنافسة الآخرين وما إلى ذلك.

بل هو جزء من الحياة. سوف يرافقك بغض النظر عن ما تفعله. حتى الشخص الذي يسعى للحصول على أعلى مستوى من الوعي والعطف في الحياة سوف يجرب المعاناة إلى درجة معينة. إن الاعتقاد بأنه يمكنك الهروب منها بمحاولة أن تكون فوق كل شيء، من خلال محاولة عدم امتلاك أي تعلقات أو عدم وجود عواطف أو عدم وجود رغبات هو أمر بعيد عن متناول الجميع تقريباً.

حتى في النهاية، سوف يتعين عليك أن تتعاطف مع الآخرين الذين يعانون، وسوف تشعر بمعاناتهم. حتى لو لم تكن معاناتك في هذه الحالة عالية، سوف تشعر بمعاناتهم كما نشعر بمعاناتك، نحن الذين نراقب العالم. نشعر بمعاناتكم، لكنها ليست معاناتنا. لذا فإن أي شخص يعيش في وجود منفصل، حتى أولئك الذين يراقبون هذه الحياة التي تعيشونها، وأولئك من بين الحضور الملائكي العظيم والمتوسع، سوف يشعرون أيضاً بهذه المعاناة، إلى حد ما.

لذلك لا مفر من المعاناة تماماً. ليس هناك هروب من الخوف تماماً. جزء من خوفك موجود هنا لحمايتك من الأذى، وتحذيرك من الخطر، وتنبيهك إلى أنه يجب عليك تغيير المسار أو كبح جماح نفسك بطريقة ما. لا مفر من محن الحياة وواقع البلاء، فبغض النظر عن ما تفعله، سوف يكون هناك بعض البلاء وبعض الضغط، بكل تأكيد.

لا يمكنك أن تعيش حياة سعيدة كاملة، لأن ذلك لا يمكن في العيش في حالة انفصال، إذا كنت صادقاً مع نفسك. و إذا كنت تعتقد أنك تستطيع ذلك، فأنت لست صادقاً مع نفسك. أنت لست صادقاً عاطفياً مع نفسك.

حتى أولئك القلائل الذين يمكنهم الوصول إلى ذروة التنوير في هذا العالم يجب أن يعودوا للخدمة ومواجهة معاناة العالم ومحاولة التخفيف منها بطرق إيجابية وبناءة.

تتولد معاناتك بشكل أساسي من العيش في الانفصال. ولكنها أيضاً جزء أساسي من تجربتك لأنك تعيش في واقع مادي، حيث يجب عليك البحث عن الموارد والتنافس مع الآخرين ومواجهة مخاطر العيش في عالم متغير وفوضوي.

يجب أن تواجهه هذا لتكون هنا. حتى عندما تكتشف أنك هنا لهدف أسمى، والذي سوف نتحدث عنه هنا اليوم، فحتى في ذلك الوقت، سوف يكون عليك مواجهة صعوبات العيش في واقع مادي ودرجة المعاناة المتزايدة من حولك حيث يبدأ العالم الآن في التغيير. لأن البشرية عطلت مناخ العالم، وأفرطت في استخدام موارد العالم، وأفسدت العالم في العديد من الأماكن بطرق عديدة، عن قصد أو عن غير قصد. هذا سوف يخلق معاناة أعظم في المستقبل لأعداد متزايدة غير مسبوقة من الناس.

لذلك، من المهم للغاية الحصول على فهم صحيح للمعاناة. من الضروري هنا قبولها على أنها حقيقة لا يمكن الهروب منها تماماً، أو سوف تخدع نفسك وتحاول خداع الآخرين، معتقداً أنه يمكن الهروب من كل المعاناة.

لأنه كان على رسل الحياة العظماء أن يواجهوا المعاناة داخل أنفسهم وفي كل مكان حولهم من أجل تقديم أعظم الهدايا من الجنة هنا. وكل من يسعون إلى خدمة الإنسانية بشكل أصيل، بتواضع وبهدف، سوف يجربون المعاناة في القيام بذلك، وبالتأكيد سوف يجربون معاناة أولئك الذين تم إرسالهم لخدمتهم.

علاقتك بالمعاناة، إذن، هي التي يجب تغييرها، ويجب رؤيتها بوضوح، ويجب فهمها. لأن هناك معاناة مشروعة ومعاناة غير مشروعة، معاناة لا يمكن الهروب منها حقاً في ظل أصدق الأنشطة وأكثرها خيراً في العالم. ثم هناك جميع أنواع المعاناة الأخرى التي هي نتاج حياة المرء الضالة والحياة العشوائية والخلل الوظيفي في تفكيره.

هناك معاناة ناجمة المرض، عن المرض الجسدي أو المرض العقلي. هذه معاناة حقيقية ومشروعة في معظم الحالات. ولكن هناك معاناة لا تنتهي نتيجة البحث عن الأوهام في الحياة، ومحاولة امتلاك أشخاص وأماكن وأشياء لنفسك في الحياة، والمعاناة من حقيقة أنك لا تستطيع أن تنجح هنا بشكل كامل. إذن، فإن عناصر ودرجات المعاناة غير المشروعة موجودة في طبقات عديدة وتعبّر عن نفسها في العالم بعدة طرق.

لن تفهم هذا تماماً في البداية، لأنك يجب أن تبدأ تقييمك للمعاناة بطريقة موضوعية قدر الإمكان، وهو أمر يصعب على معظم الناس القيام به في البداية. على الرغم من أنك إذا أصررت مع الوقت، فسوف تتمكن من الرؤية بشكل أكثر وضوحاً، وسوف تتمكن حتى من الاستفادة من معاناتك — معاناتك المشروعة ومعاناتك غير المشروعة — لأنهم [هم] سوف يعلمونك أشياء ضرورية جداً في الحياة.

سوف يعلمونك الصبر. سوف يعلمونك أن تقيم حياتك بوضوح. يمكنهم أن يعلموك تغيير مسار حياتك، لتحسين حياتك نتيجة لما حدث لك. يمكنهم أن يعلموك الحكمة فيما يتعلق بما يجب أن تسعى إليه في الحياة وما لا يجب أن تسعى إليه. وسوف يعلمونك بالتأكيد ضرورة المغفرة لنفسك وللآخرين.

حتى أنه يمكن للمعاناة أن تجعلك أقرب إلى الرب، لأنك مع مرور الوقت تدرك أنك لا تستطيع تحقيق نفسك من محاولتك ربح الأشياء من العالم، سوف تتجه إلى الواقع الأعظم الذي أتيت منه والذي سوف تعود إليه. أوه، نعم، سوف تعود، لأن خطة الرب هي إنقاذ الجميع في النهاية. لكن النهاية يمكن أن تكون بعيده جداً من الآن. ودون هذا الارتباط الأعظم، سوف تعاني وسوف تظل تعاني وسوف تكون عرضة لكل أنواع الخطأ والتلاعب من العالم من حولك.

نمنحك اليوم المفتاح لفهم نفسك بعمق، ومعه، فهم واضح لواقع المعاناة: لماذا توجد، في داخلك، داخل الآخرين وداخل العالم كله إلى الدرجة التي توجد بها؛ كيف يمكن التخفيف من حدتها داخل نفسك وداخل الآخرين والعالم بأسره بمرور الوقت، إلى أي درجة الأمر ممكن هنا. لأنه لن يكون هناك أبداً سعادة كاملة في العيش في الواقع المادي، تعيش في انفصال عن مصدرك، تعيش في انفصال عن حياتك الأبدية، التي أتيت منها وسوف تعود إليها.

المعاناة الجسدية لها أسباب معروفة في معظم الحالات. المعاناة النفسية أكثر تعقيداً وترتبط أكثر بمحاولة تحقيق الذات والسعادة في الواقع المادي. ثم هناك معاناة روحية، معاناة عدم عيش الحياة التي تعرف أنه من المفترض أن تعيشها، معاناة عميقة، فريدة من نوعها في تجربتها وتعبيرها — الشعور بأنك تفتقد ما أتيت هنا لفعله، وأنك لا تحقق الهدف الأسمى الذي تم إرسالك من أجله بشكل فردي. ينتج عن هذا معاناة لا يمكن تخفيفها عن طريق الأدوية أو العلاج النفسي أو المكملات الغذائية أو النظام الغذائي أو ممارسة الرياضة أو أي شيء آخر.

إنها معاناة أعمق، والتي في النهاية هي التي تحمل أكثر أهمية للأعتراف بها والتخفيف منها. وهذا هو النوع الوحيد من المعاناة التي يمكن التخفيف عنها حقاً بمجرد أن تبدأ في قبول أنك هنا لهدف أعظم، وأنه لا يمكنك إنشاء هذا الهدف لنفسك أو تحديده لنفسك، وأنه يجب عليك تلقيه من الجنة، خطوة بخطوة، زيادة بزيادة. هذا هو المخرج من العزلة. هذا هو المخرج من ضباب الارتباك الذي يعيش فيه الجميع في هذا العالم إلى حد ما.

لقد أتيت إلى العالم لهدف أسمى. هذا هو الهدف الأسمى الذي يربطك ببيتك العتيق، مع أولئك الذين أرسلوك وبحياتك الحقيقية خارج حدود الزمان والمكان. لكي لا تعرف هذا، لكي لا تعيش هذا، لكي لا تجد هذا يعني أن تتجول بلا هدف في الواقع المادي — محاولاً حماية ما لديك والسعي إلى تحقيق أعظم في الأشياء المؤقتة والتي لا معنى لها في كثير من الأحيان، ومحاولة الهروب من المعاناة دون مواجهتها وأن تكتسب منها الحكمة التي يمكن أن توفرها لك، إذا كان بإمكانك رؤيتها بوضوح.

يهرب معظم الناس من ماضيهم، يهربون من معاناتهم — يبحثون عن العلاقة التالية أو يبحثون عن الثروة أو يبحثون عن المتعة أو يبحثون عن الهروب أو يعيشون في حالة إنكار قاسية، مليئة بالانتقام والغضب تجاه العالم. لا توجد راحة هنا. إنه أمر فقط يطيل بؤسك.

عندئذٍ تصبح معاناتك شيئاً يجب مواجهته، ومواجهته بعطف، فكيف لا يمكنك أن تعاني إذا لم تكن تعرف قوة المعرفة الروحية التي وضعها الرب فيك؟ كيف يمكنك اتخاذ قرارات حكيمة بدون إرشاد المعرفة الروحية التي وضعها الرب فيك؟ كيف يمكنك أن لا ترتكب أخطاء فادحة أو أن تعيش حياتك بلا هدف أو بشكل مدمر دون هذا الدليل الأعظم والبوصلة التي تظهر لك الطريق؟

هذا ما يعنيه أن تنظر إلى ماضيك بعطف وموضوعية، مدركاً أنه بدون هذه الشدة الأعظم التي منحك إياها الرب، لا يمكنك إلا أن تتجول، مدفوعاً من قبل الآخرين، مجراً بالثقافة والدين أو عائلتك على أن تعيش حياة لن تكون أبداً صحيحة بالنسبة لك لتبدأ.

هذه هي المعاناة على مستوى أعمق. حتى لو تمت معاملتك بلطف في الماضي ولم تتم الإساءة إليك — كما هو الحال بالنسبة للعديد من الأشخاص في العالم اليوم — حتى لو تم معاملتك بلطف، فإن الحياة بدون هدف ومعنى هي حياة من المعاناة. سوف تفقد قلبك بمرور الوقت. سوف تعيش مع خيبة أمل و إحباط متزايد، مما قد يؤدي إلى غضب شديد تجاه نفسك والآخرين، وحتى تجاه العالم بأسره، حتى تجاه الرب، معتقداً أن الرب قد خلق هذا العالم المدمر وحياة الانفصال. لكن العيش في الانفصال هو الذي يخلق المعاناة في هذا الأساس، ولكن وراء هذا الأساس، هناك انبثاق من المعاناة على العديد من المستويات الأخرى.

في نهاية المطاف، إذا كنت سوف تبدأ في الاستجابة للنداء الأعظم في حياتك، والذي لا يمكنك تحديده أو إنشاؤه بنفسك، وكنت على استعداد لتلقيه، خطوة بخطوة، بصبر، بتواضع، وبإصرار أعظم، فقط عندها يمكن لحياتك أن تنتظم حقاً، سواء كنت غنياً أو فقيراً، تعيش في أي مكان في العالم، في دولة حرة أو دولة غير حرة. نعم الظروف مختلفة ولكن لكل حالة فرصها وعيوبها. عندها فقط سوف تتعلم كيف تعيش حياة صحية حقيقية، وحياة متوازنة، وحياة خدمة ومعنى بشكل متزايد، بينما تهرب من الظلال والندم من ماضيك.

في حين أنه لا توجد نهاية كاملة للمعاناة، هناك حياة ذات هدف ومعنى أعظم في انتظارك، مما سوف يخفف من معظم أشكال المعاناة وحمايتك من العديد من الأشياء في العالم التي تكون عرضة لها حتى في هذه اللحظة — تهديد الإقناع والهيمنة، والتهديد بالعقاب، والتهديد بالإدمان، والتهديد بفشل العلاقات الواحدة تلو الآخرى، والتهديد بالعيش في حياة غير صحية وغير مركزة.

[هذه] ليست سوى عدد قليل من الأشياء التي تتحداك، حتى في هذه اللحظة، وتخلق ظروف معاناة لك. حتى لو كنت قد استوفيت احتياجاتك المادية الأساسية — الغذاء والماء والمأوى والأمن — فأنت الآن تواجه المعاناة الناتجة من العيش في حالة الانفصال نفسها. حتى لو كنت محمياً من معظم مخاطر العالم، والتي لن تكتمل أبداً، بالطبع، طالما أنك هنا، وأنت ترتقي بنفسك، سوف ترى الضرر النفسي، الضرر العاطفي، نتيجة الحياة دون هدف ومعنى حقيقي وتوجيه بشأن تجربتك مع نفسك والآخرين في العالم.

هذا هو النظر إلى مستويات أعلى من المعاناة، والتي، إذا تم رؤيتها بوضوح، يمكن أن توجهك إلى ما لا يجب عليك فعله، وما لا يجب اتباعه، وما لا يجب عليك التفكير فيه، وما لا تختاره، وكيف لا تعامل نفسك، وكيف لا تعامل الآخرين، كيف لا ترى العالم. المعاناة معلم عظيم لهذه الأشياء إذا كان يمكن رؤيتها بموضوعية. ولكن لكي تكون قادراً على القيام بذلك، سوف تحتاج حقاً إلى بناء إحساس حقيقي بهدفك في الحياة واتخاذ الخطوات إلى هذه المعرفة الروحية التي نتحدث عنها هنا اليوم، والتي يقدمها الرب الآن في وحي عظيم للعالم، أخيراً . إنه السلم الذي ينزل من الجنة ليمكنك من الهروب من عزلة الانفصال وضباب الارتباك الذي يعيش فيه كل شخص تقريباً.

فلنتحدث إذن عن العزلة للحظة. [بالنسبة إليك] أنت، الذي صُممت لتكون على اتصال بكل شيء، فإن العيش في حالة الانفصال أمر صعب حقاً، والعزلة هي التجربة الأكثر تطرفاً في هذا الإنفصال. لا تعني العزلة أنك وحدك ولا أحد من حولك، فقد تعيش وسط أسرة كبيرة، متزوج ولديك أطفال، وتشعر أنه لا أحد يفهمك حقاً. هناك أناس من حولك. أنت تحبهم أو يحبونك، لكنك معزول هناك، محاصر في مجموعة من الظروف التي تحددك الآن وتحدد حياتك بطرق لا تتماشى مع هدفك الحقيقي لوجودك هنا. يمكن تجربة العزلة، باعتبارها المثال الأكثر تطرفاً للانفصال، في وسط حشد من الناس، في خضم العلاقات الأسرية. يمكن تجربتها تحت أي ظرف من الظروف.

لكن الحقيقة هي أنك لست وحدك. [هناك] أولئك الذين يراقبون حياتك ويحرسون حياتك، بمجرد أن تبدأ في الاستجابة للحاجة إلى معنى أعظم وهدف أعظم وتوجيه أعظم في الحياة؛ بمجرد أن تتصالح مع هذا الأمر، وهو فعل ناتج من صدق ذاتي عظيم، نتيجة خيبة الأمل والإحباط من العالم؛ حيث ترى أن علاقة أخرى أو حيازة أخرى أو مكسباً آخر لنفسك لن يحدون أي فرق حقاً، وما عليك دفعه للعثور على هذه الأشياء، وخيبة الأمل التي سوف تواجهها إذا لم تتمكن من العثور عليهم، عظيمة لدرجة أنك تسعى الآن إلى مسار أعلى.

دون أن تعرف ما هو المسار الأعلى، فأنت تصلي إلى الجنة من أجل الإرشاد، تصلي حقاً، ليس طلباً بسيطاً هنا وهناك عندما لا تبدو الأمور جيدة بالنسبة لك، ولكن بجدية وتصميم حقيقيين. هذه هي الرسالة التي يجب على الجنة الإستجابة لها، لأنك الآن أصبحت جاداً. أنت لا تريد فقط الإنقاذ عندما لا تسير حياتك بالطريقة التي تريدها. إن الأمر ليس مجرد مسكن يُمنح لك ليجعلك تشعر بتحسن في الوقت الحالي. لأن الرب يريدك أن تواجه معاناتك وأن ترى الحكمة التي يمكن أن تمنحك إياها والمساعدة التي يمكن أن تقدمها لك لتوجيه حياتك في اتجاهها الصحيح.

يبدأ المسار العظيم بخيبة الأمل وإحباط. يبدأ الأمر بالابتعاد عن ما فعله المرء من قبل، وحتى ما فكر فيه وآمن به من قبل، مما قد يقودك إلى موقف هائل من الارتباك وعدم اليقين. لكن على الأقل الباب بدأ الآن في الانفتاح.

نعم، سوف تظل تعيش في ضباب الارتباك لا تعرف ماذا سوف تتبع، لا تعرف ماذا تصدق، لا تعرف ماذا تفعل بأي يقين حقيقي، تتماشى مع رغبات الآخرين، تتماشى مع الحشد، تتماشى مع ما يخبرك دينك أو ثقافتك أن تتماشى معه، كونك عبداً لقوى أخرى، وكونك خروف في الحقل. لكن الرب لديه خطط أخرى لك.

لكن لمعرفة ذلك، عليك أن تبدأ رحلة جديدة في الحياة، رحلة من عدة خطوات، رحلة لا تتحكم فيها، ولكن بشكل مثير للدهشة سوف يكون عليك أن تتحكم في نفسك لتأخذ هذه الرحلة، رحلة لا تخترعها بل رحلة سوف تتطلب منك أن تكون أكثر حرصاً وتمييزاً بشأن ما تفعله ومع من أنت.

سوف يقودك هذا للخروج من عالم المعاناة. نعم، سوف يكون لديك بعض المعاناة المشروعة على طول الطريق. ولا يزال بإمكانك البحث عن الأوهام هنا وهناك أو الرومانسية مع الناس والأماكن والأشياء. لكن إذا واصلت التحرك في هذا الاتجاه، فسوف تضعف هذه القوى بالنسبة لك، وسوف تكون قادراً على رؤية ما وراءها والتعاطف مع الأشخاص الذين ما زالوا عالقين في مثل هذه المساعي.

سوف تنظر إلى ماضيك الآن كدليل على الحياة دون المعرفة الروحية، حياة يمكن أن تعلمك أشياء كثيرة إذا كنت تستطيع فهمها بوضوح. بدلاً من الهروب من ماضيك، أصبح الآن مورداً لك — دليل على اليأس من العيش دون هذه المعرفة الروحية الأعمق التي نتحدث عنها هنا، والحاجة إلى حياة أعظم، والحاجة إلى هدف أعظم في الحياة وتوجيه أعظم هذا لا يعتمد على الرغبة والخيال والمزاج المتغير لعقلك.

هنا تبدأ في الحصول على حرية لا يدركها كل من حولك أو يخشى مواجهتها. هنا يجب أن تقود نفسك. وبينما تقود نفسك، هناك قوى أعظم سوف تقودك. بشكل مثير للدهشة، عندما تبدأ في الاستسلام لهذه القوة الأعظم، فأنت نفسك قادر أخيراً على السيطرة على عقلك وعواطفك بطريقة صحية، بطريقة مؤكدة وعطوفة. أخيراً، يمكنك تحديد ما تعتقده وأين يتجه عقلك وما الذي سوف تختاره الآن بوضوح أعظم، والذي لم يكن ممكناً حقاً من قبل.

أنت تهرب من خوف الآخرين. أنت تهرب من الخوف من الخسارة. أنت تهرب من الخوف من القصاص من العالم. أنت تهرب من الخوف من عدم تحقيقك وفقاً لأفكارك أو أفكار الآخرين. أنت تهرب من الخوف من خيبة الأمل. حتى أنك تهرب من الخوف من الفشل إلى درجة عظيمة جداً.

هذا يخفف الكثير من المعاناة وإمكانية المعاناة. بالكاد يمكنك أن تفهم في هذه اللحظة كم هو عظيم هذا الارتياح. بدلاً من أن تعيش حياة قليلة الإلهام والكثير من الارتباك والمعاناة ، ينتهي بك الأمر إلى حياة مليئة بالإلهام وقليل من الارتباك والمعاناة.

إذا استطعت سماع ما نقوله لك هنا اليوم وبدأت في التفكير على هذا المنوال، يمكنك أن تبدأ رحلة أعظم في الحياة، تتجاوز المعتاد، حياة تجعلك أكثر بساطة، وأكثر قوة، وأكثر مباشرة، وأكثر اتحاداً داخل نفسك.

هذا لن يحدث دفعة واحدة. مثل الانطلاق في أي رحلة أعظم في الحياة، سوف تتعثر وتتجول في البداية. سوف تكون لديك أيام جيدة وأيام سيئة بالطبع، لكن قلبك سوف يشعر بالارتياح لأنك تستجيب أخيراً.

هذا إذاً يعالج أعمق مستوى من المعاناة بداخلك، المعاناة من عدم تحقيق ما جئت إلى هنا لتفعله، وهي المعاناة التي هي أساس مشكلة الجميع تقريباً في الحياة، والتي يسعون للتخفيف من أجلها من خلال الهروب، من خلال المتعة، من خلال الخيال أو من خلال عتاب الآخرين.

يعلم الرب كيف يجعل حياتك متوازنة وفي خدمة وفي معنى قد تسعى إليه في كل الأشياء الأخرى دون نجاح. الرب يعلم الطريق الى الرب. لا تعرف الأديان حقاً الطريق إلى الرب. إنها مجرد وصفات لعامة الناس. لكن النداء الأعمق هو شيء يحدث على المستوى الفردي. لا يتم إنقاذ الناس لأنهم يؤمنون بشيء ما ولكن لأنهم يستجيبون لنداء أعمق وقوة المعرفة الروحية داخل أنفسهم، الحقيقة العظيمة التي لم يدركها كثير من الناس في العالم بعد.

لكن الرحلة تتطلب توضيحاً عظيماً، وتمييزاً عظيماً، وعزماً عظيماً، واستعداداً لمواجهة أخطاء ماضيك والأخطاء التي قد ترتكبها حتى في هذه اللحظة. لا يوجد غرور هنا. لا يوجد تمجيد للذات هنا. لا يوجد هنا تسمية نفسك معالج أو مدرس أو أفاتار.

يجب أن تصل إلى مستوى من الصدق الذاتي يتجاوز ما يفكر فيه معظم الناس هنا اليوم. يجب أن تنتظر الحقيقة العظيمة. يجب أن تنظر دون التوصل إلى استنتاجات في معظم الحالات. يجب أن تتعلم تهدئة عقلك، وتتعلم أن تكون ساكناً، وتتعلم الاستماع، وتتعلم كيف تصبح قادراً على الاستجابة، وتكون قادراً على أن تصبح مسؤولاً بهذه الطريقة.

لقد وفر الرب الخطوات إلى المعرفة الروحية، الطريق لجعل كل هذه الأشياء ممكنة. ما عليك سوى اتخاذ الخطوات وقبول التحديات وبذل قصارى جهدك. غني أو فقير، شرقي أو غربي، شمالي أو جنوبي، لكل من يستطيع الإستجابة.

بهذه الطريقة، أنت تهرب من المعاناة التي تحاصر الجميع تقريباً. بهذه الطريقة تكتسب العيون لترى والأذنين لتسمع، بمرور الوقت، من خلال تجارب عديدة.

هنا تعود حياتك إلى محاذاتها الحقيقية، وهدفها الحقيقي، ومعناها الحقيقي. هذه هي الطريقة التي يستردك بها الرب لكي تعطي شيئاً جميلاً للعالم وللآخرين وللحياة من حولك.