في هذا الزمان والمكان، من المهم أن نتحدث عن الهدف من الدين. الدين جزء من التجربة الإنسانية، وأي محاولات للقضاء عليه أو للتقليل منه أثبتت فشلها.
لأنك لا تستطيع إنكار حقيقة الروح الإنسانية. لا يمكنك إنكار الحقيقة الأساسية القائلة بأن هناك حاجة روحية أعظم في الناس يجب التعبير عنها.
ولكن مثل كل الأشياء في العالم، يمكن أن يصبح ما هو طبيعي وضروري مشوهاً ومنحرفاً ويساء استخدامه، متحالفاً مع أهداف أخرى، لا سيما عندما ترتبط هذه الدوافع الطبيعية بالحكومات والسلطات القوية في المجتمع.
قيل ببساطة، القصد من الدين هو تنمية الرغبة والقدرة على اختبار الحضور الإلهي في حياة المرء. جميع التعاليم والطقوس، سواء داخل المؤسسات الكبيرة أو داخل خصوصية المنزل، مخصصة لهذا الهدف. والرغبة والقدرة على اختبار الحضور الإلهي هو الإتيان بالمرء إلى قوة المعرفة الروحية التي وضعها خالق كل الحياة في قلب كل إنسان.
ومع ذلك، عندما تنظر حولك، سواء في المنزل أو في أراضٍ أجنبية، سوف تجد أن هناك فقراً مدقعاً، فقراً مدقعاً في حياة الناس حيث لا يظهر هذا الحضور وقوة هذه المعرفة الروحية. نظرة خيبة الأمل وعدم الرضا، والشعور بالندم لدى كبار السن، والشعور باليأس والإحباط لدى الشباب دليل على أن هذه القوة وهذا الحضور لم تتم تجربتهم.
لقد أصبح الدين الآن نيراً وتسخير للناس، يتطلب منهم الإيمان وفقاً لخطوط معينة من التفكير والتصرف وفقاً لبعض خطوط السلوك المحددة. لكن هذا بعيد كل البعد عن جوهر ما هو الدين حقاً. إن مطالبة الناس، إما عن طريق الإغراء أو التهديد، بالإلتزام بنظام معين من المعتقدات لا يمثل جوهر الدين والهدف منه. ومع ذلك، هذا ما يتجلى في عالم اليوم.
لقد أصبح الدين شكلاً آخر من أشكال الحكومة — شكل من أشكال الحكم الذي يسعى إلى السلطة والهيمنة، وشكل من أشكال الحكم الذي يسعى للتغلب على منافسيه الخصوم، والأجندات المتنافسة للتقاليد والأديان الأخرى. وبالتالي، هناك صراع ونوع من الحرب يتم خوضهما بين العناصر الأكثر تطرفاً في هذه الأنظمة العقائدية. لكن هذا ليس الدين حقاً.
لقد شرع خالق كل الحياة جميع أديان العالم، ولكن تم تغييرها جميعاً من قبل الناس والحكومات والثقافات والتقاليد والمنافسة على السلطة في العالم. هذا هو السبب في وجود الكثير من الناس في العالم اليوم، على الرغم من أن لديهم احتياجات روحية أصيلة وحنين، إلا أنهم نفروا منهن كثيراً بسبب ما أصبحت عليه تجليات الدين.
أين يمكنك أن تجد تنمية الحياة الداخلية للفرد؟ أين هو التركيز على التعرف ومتابعة واحتضان قوة وحضور المعرفة الروحية داخل الفرد؟ أين هو التركيز على تطوير وتشجيع قدرة الفرد ورغبته في تجربة غموض الحضور الإلهي — وهو غموض يتحدى كل التعاليم والأعراف الدينية؟
أين يتم تشجيع مثل هذه الأشياء من أجل الفرد؟ أنت تزور الكنيسة أو المعبد أو المسجد وما يعرض ماهو إلا تأكيد على إعلاء أيديولوجية الدين ومؤسسات الدين ومتطلبات الدين؟ هذا التأكيد خارج السياق وخارج العلاقة مع الهدف الأساسي للدين.
في الأساس، كل الديانات هي تعليم لطريقة المعرفة الروحية، لإدخال الفرد في التجربة المباشرة للمعرفة الروحية، العقل الأعمق وراء الفكر، العقل الذي وفره الرب لكل شخص لإرشادهم وحمايتهم وقيادتهم لحياة وتعبير أعظم في العالم.
لكنك لا تسمع هذا التأكيد. بدلاً من ذلك، هناك تشجيع للإعتقاد، والإلتزام، واتباع تعليمات التقليد الديني، مهما كانت تلك الوصفات غير منطقية وغير معقولة في سياق الحياة الحديثة. وهذا ما يسمى ”كلمة الرب“، مشيئة الرب للبشرية.
بالطبع، هناك منافسة كبيرة بين السلطات المتنافسة على من لديه المطلب النهائي والكامل لإرادة الرب ووصفته للبشرية. يبدو الأمر كما لو أن الغير متدينين قد استولوا على أعمال الدين لأهدافهم الخاصة. لم يدركوا أبداً مقصده الأساسي ومعناه، فقد حولوه إلى شيء آخر. إنه الآن مثل حزب سياسي، وبالطبع للدين أهداف سياسية أيضاً.
هذا بعيد جداً عن دافع الرب الأولي ونية الدين — للحفاظ على المعرفة الروحية حية في العالم، وتعليم طريقة المعرفة الروحية، وتشجيع المسؤولية البشرية والسلوك الأخلاقي، ليس فقط كوصفة أو كشرط لدخول الجنة أو أي حالة متعالية في المستقبل.
إنه حقاً إنكار للنزاهة الطبيعية والأخلاق الطبيعية التي سوف تنشأ مع الشخص الذي اختبر هذه القوة وحضور المعرفة الروحية ويسترشد بحكمتها ونعمتها. هؤلاء الأفراد، بغض النظر عن أي جزء من العالم يقيمون، بغض النظر عن القبيلة أو المجموعة أو الثقافة التي ينتمون إليها، سوف يلتزمون جميعاً بنفس القيم لأن هذه هي قيم المعرفة الروحية.
إذن لديك عالم يبدو شديد التدين، لكنه لا يمارس ولا يؤكد ما هو الدين حقاً. وبالنظر إلى خضوع الشعوب واضطهادها عبر تاريخ البشرية، فإن أي نية مقدسة تم الحفاظ عليها تم الحفاظ عليها فقط للنخبة، وللرهبان، وللمهرة.
نتيجة لذلك، اضطر رسل الرب الحقيقيون إلى كسر قيود الأعراف، واضطروا إلى التعليم في مواجهة المعارضة في مواجهة المعتقدات والمواقف الدينية السائدة. كان عليهم أن يصبحوا متمردين ومصلحين، لمواجهة نزعة الإنسانية لتحويل ما هو مقدس إلى ما هو مدنس.
ما هي نية الرسول الحقيقي سوى استحضار النار الروحية في الفرد وجعله على اتصال مع الضمير الأعمق الموجود بداخله — ضمير ليس ناتج من التطابق الإجتماعي أو التوقع الاجتماعي، بل هو ضمير أعمق في ما هو فطري وضروري لحياة الإنسان؟
إذن لديك عالم متدين، لكنه لا يعرف الدين. لديكم عالم تصطدم فيه المؤسسات الدينية وأنصارها ويتنافسون مع بعضهم البعض، ولا يدركون أن مصدر إيمانهم هو واحد. سوف يكون لديهم أناس يطالبون ويتوقعون التمسك بالأفكار والمعتقدات والتحذيرات، لكنهم هم أنفسهم لم يتلقوا أبداً الشرع الحقيقي في غموض وقوة الحضور.
أصبح الدين مادي. لقد أصبح الدين سياسية. لقد أصبح قوة اقتصادية واجتماعية تسعى للحفاظ على مكانتها وقوتها بأي ثمن. لذا الآن أولئك الذين يستجيبون حقاً للقصد الحقيقي للدين يجدون أنفسهم الآن في المنفى، ويجدون أنفسهم الآن زنادقة مبصرين يتبعون الغموض — وهو غموض ضاع للعديد من النظم الدينية والمؤسسات الدينية.
يبدو الأمر كما لو أن الدين أصبح عدواً لما هو عليه الدين حقاً. إنه الآن دين الدولة، ودين التقاليد، ودين التاريخ، ودين الأفكار الثابتة، والمعتقدات الثابتة والمطالبات الحصرية بالسلطة. حتى الآن هذا من رغبة الخالق ونيته لإبقاء المعرفة الروحية حية في العالم.
في حالات معينة، أصبح الدين عدواً للمعرفة الروحية، معلناً أن الرب وحده هو الذي يملك المعرفة الروحية وأن الناس حمقى ويجب أن يكونوا محتالين مثل الحيوانات، ويجب برمجتهم وتكييفهم للإعتقاد — لتصديق الأشياء التي لا تصدق والمستحيلة، وتصديق الأشياء التي تتعارض مع التجربة الأعمق التي يمر بها الناس، الأشياء التي تختلف عن الغموض الحقيقي والتجربة العميقة التي هي جوهر ماهو الدين حقاً.
على مر العصور، أبقى المتصوفة، الحكماء بينهم، هذه القوة وهذا الحضور على قيد الحياة، لكنهم كانوا منبوذين، على هامش المؤسسات الدينية. لقد كانوا المتمردين والمصلحين، على الرغم من عدم الموافقة عليهم أو عدم الثقة بهم من قبل سلطاتهم، إلا أنهم قدموا الحياة والجوهر والمعنى للممارسات الدينية الفارغة التي سادت في المجتمع البشري.
فماذا يعني هذا بالنسبة لك؟ هذا يعني أن هناك قوة أعظم في حياتك، وغموض أعظم في حياتك، وأن اتصالك بالرب يكون من خلال المعرفة الروحية، والذكاء الأعمق الذي وضعه الرب في داخلك، وهو ذكاء يتجاوز مملكة ومدى وصول الفكر. هذه القوة تناديك، واستجابتك لها تمثل أعمق حاجة لنفسك — حاجة أعمق من الحاجة إلى البقاء والإشباع، والتعليم والفرص، والصداقة والشراكة.
للعثور على هذه الحاجة، يجب أن تدرك أن ما يقدمه العالم غير كافٍ. يلبي الإحتياجات الإجتماعية والنفسية. يلبي الإحتياجات العملية. لكنه لا يلبي حاجة النفس الحقيقية. يتطلب ذلك مشاركة من نوع غير اعتيادي.
إن خالق الحياة كلها، بالطبع، يتفهم هذا المأزق — أن الدين أصبح المشكلة وليس الجواب، وأن الدين أصبح العائق وليس الطريق، وأن الهدف الحقيقي من الدين والتأكيد عليه قد فُقِد بطرق عديدة حيث الآن في هذا الوقت يمكن فقط لمعلماً حكيماً واستثنائياً للغاية في إطار تقليد إيماني يمكنه التحدث إلى الغموض والقوة والإشارة إلى الضمير الأعمق داخل الفرد.
لكن مثل هؤلاء المعلمين نادرون. إنهم يمثلون أقلية مقارنة بأولئك الذين يطالبون بسلطات وقوى كنيسية. فكيف تكون موالياً للكنيسة أو المسجد أو الهيكل إذا كان ولاءك الأعظم للمعرفة الروحية التي تمثل ولاءك للرب؟ وإذا لم يكن الرب مرتبطاً بالفكر البشري والفلسفة البشرية واللاهوت البشري، فلن تكون ملزماً بهذه الأشياء أيضاً بصفتك تابعاً للمعرفة الروحية. هذا يجعلك حراً ولا يمكن السيطرة عليك. هذا يجعلك مدركاً وغير قابل للفساد. هذا يجعلك تتساءل عن قيمة السلطة الدينية وأخلاقيات وسلوك المؤسسات الدينية — كل الأشياء التي تميل المؤسسات الدينية إلى مقاومتها وقمعها.
لذلك، من الضروري أن تعود إلى ما هو أساسي، إلى النزوة الأولية للدين وقوته — ليس دين الدولة، وليس دين المؤسسات التقليدية بالضرورة، ولكن إلى شيء أكثر نقاء يمكن أن يوجد داخلهم وأبعد منهم.
احذر من المعتقدات التي تبدو ثابتة. احذر من إعلانات الإمتياز أو السلطة الحصرية من قبل القادة الدينيين. إدرك أن هناك أشخاصاً موجهون نحو الحرية وهناك أشخاص موجهون نحو السيطرة. الموجهون للسيطرة يخافون من الحرية، ويخافون من الغموض لأنهم لا يؤمنون بالصلاح الأساسي للروح البشرية. لقد فقدوا إيمانهم بالإنسانية ووضعوا كل إيمانهم في أيديولوجيتهم والوصفات التي يعتقدون أنها جاءت من الرب.
لكن الرب قدم توصيات فقط من خلال المعلمين العظام، وليس القواعد — توصيات للحياة، إرشادات للحياة لمساعدة الناس على توجيه حياتهم بشكل صحيح ومنتج ومفيد.
لذلك، للعثور على اتصالك الحقيقي، يجب أن تتعلم طريقة المعرفة الروحية، لأن في قلب كل دين، توجد طريقة المعرفة الروحية. هذه ليست طريقة الإعتقاد. هذه ليست طريق الطاعة. هذه ليست طريقة اتباع تعليمات ومبادئ ووصايا الزعماء والمؤسسات الدينية بشكل أعمى. إنها إيجاد قوة وحضور المعرفة الروحية بداخلك والتعلم بمرور الوقت ومن خلال التعليمات كيفية تمييز هذه القوة والحضور عن النزوات والدوافع الأخرى الموجودة بداخلك كفرد.
هدف الرب في العالم هو الحفاظ على المعرفة الروحية حية حتى تبقى الحرية الإنسانية والعدالة الإنسانية والعطف الإنساني أحياء في العالم. ليس قصد الرب تعظيم الزعماء أو المؤسسات الدينية، أو تتويج أحدهم على الآخر. هذه مخلوقات بشرية وليست مخلوقات الرب، ونتيجة لذلك فهي غير معصومة وعرضة للفساد.
لقد قدم الرب رسالة جديدة إلى العالم لتوضيح هذه الصورة ولتقديم مسار واضح لأولئك الذين يسعون للحصول على التجربة الحقيقية. يمكنهم الحصول على هذه التجربة داخل تقاليدهم الدينية أو خارجها.
قد يتعارض وحي الرب الجديد مع الأيديولوجية السياسية والمعتقدات القديمة، ولكن هذا ما يحدث عندما يتناقض ما هو نقي مع ما تم تغييره وتكييفه.
إن الرب غير مقيد بخلق الإنسان ومعتقداته ووصاياته. لا يوفر الرب إلا ما هو حقيقي وأساسي لإشعال قلب الإنسان ولإعطاء كل فرد أساساً من أجل أن يكون موجهاً داخلياً وليس موجهاً خارجياً.
هنا يمكن لإمامك أو حاخامك أو كاهنك مساعدتك إذا كانوا يسترشدون بالمعرفة الروحية. لكنهم سوف يعوقونك إذا لم يكونوا كذلك. يجب أن تتعلم كيف ترى الفرق.
الأديان مؤسسات يجب الحفاظ عليها وحمايتها. إنهم في منافسة مع بعضهم البعض، لذلك لا يمكن لأي من الموجود منهم في العالم اليوم تعزيز السلام البشري والوحدة البشرية. لأنهم جميعاً يطالبون بإمتيازات خاصة، وفقط هؤلاء الأفراد القلائل بداخلهم الذين يدعمون حركة عالمية عظيمة ويقبلون جميع ديانات العالم يمكنهم مواجهة هذه المنافسة، التي هي بطبيعتها مثيرة للإنقسام ومدمرة.
بهذه الكلمات، نتحدث إلى قلب الإنسان ليس إلى فكره الذي يريد معرفة كل شيء ويريد الإلتزام بمفاهيمه ومعتقداته وتقاليده.
لا حرج في التقليد إذا كان يحقق القصد الأساسي للدين، وهو إلهام وتوسيع رغبة الناس وقدرتهم على اختبار حضور الرب وربطهم بالذكاء الأعمق الذي وضعه الرب فيهم والذي سوف يكون ضرورياً لنجاحهم ورفاهيتهم في العالم. هذا أهم بكثير من تعاليم مؤسس التقليد الديني. إنه أمر أهم بكثير من التصريحات الرسمية للمعتقد أو المذهب.
يحتفل الناس ويعبدون ويكررون إلى ما لا نهاية حياة المعلمين العظماء، ولكن هل يمكنهم حقاً أن يعيشوا الحياة التي روج لها هؤلاء المعلمون؟ ليس السلوك البشري فقط هو المهم، لأن الناس يمكن أن يتصرفوا بشكل جيد لكل الأسباب الخاطئة. يمكن أن يتماشى الناس مع بعضهم البعض لتحقيق المنفعة الإجتماعية والمزايا الإقتصادية وتحقيق الوضع الإجتماعي والقبول. لكن هذا ليس دين.
أنت الذي تسعى إلى معرفة هدفك الأعظم في العالم والمعنى الأعظم لحياتك، فهذا يعني أنك شخص متدين. سواء كنت تنتمي إلى كنيسة أو مسجد أو معبد يهودي أو أي منظمة دينية أخرى، فهذا ثانوي.
إن الترويج لأيديولوجية دينية في العالم لا يمثل دعم إرادة الرب وهدفه هنا. فقط إذا استطاعت هذه الأيديولوجية ونظام المعتقد تلبية المتطلبات الأساسية للدين، فسوف يكون لها قيمة حقيقية ودائمة وتنتج فائدة حقيقية للناس.
وبالمثل، لا ينبغي لأي تعليم ديني أن يشجع الحرب والهجوم على الجماعات الأخرى. هذا يمثل التنافس على السلطة بين هذه الجماعات، لكن هذا ليس هو الدين.
فالدين يوصلك إلى الرب وإلى ما وضعه الرب بداخلك ليهديك ويحميك ويقودك إلى إنجازاتك العظيمة في الحياة. أي شيء يتجاوز هذا هو اختراع، اختراع بشري، تكيف.
سوف يتعين على الناس معرفة ما يعنيه هذا من حيث تطبيق القانون وإدارة المجتمعات. الرب ليس هنا ليدير مجتمعات أو ليقوم بتعقيدات الفقه أو إدارة القانون.
يوجهكم الرب إلى الغموض وليس إلى التجلي. إن الرب يدعوكم إلى الغموض، وليس لوصف التجلي. إذا كنتم تريدون الحصول على المزيد من القديسين في العالم، إذا كنتم تريدون الحصول على أفراد ملهمون حقاً في العالم، إذا كنتم تريدون أن يكون للبشرية مستوى أعلى لم يولد من نظام قمعي، ولكن من فهم طبيعي، إذن يجب أن ترشد الناس إلى قوة الغموض.
الدين، كما ترى، ليس لديه إجابة لكل مشكلة اجتماعية وسياسية، لكنه يمنح الناس إمكانية الوصول إلى الذكاء الأعمق الذي يمكن أن يوجه الناس بفعالية في تلبية كل هذه الإحتياجات. يجب أن يكون الدين حراً من الدولة ويجب أن يكون حراً من السياسة، التي لن تؤدي إلا إلى تشويهه وإفساده لدرجة أن أولئك الذين يدعون أنهم رجال مقدسون سوف يطالبون بإعدام الناس.
هذه هي درجة التشويه والإنحراف التي نشأت في العالم اليوم، ولهذا السبب توجد رسالة جديدة من الرب — لإستعادة الوضوح والقصد من الدين ومعنى الممارسة الروحية وطبيعة الوحي الإلهي الذي يجب أن يحدث داخل كل شخص.
لا يكفي أن تحتفل بوحي المعلم العظيم إذا لم تتمكن من الوصول إلى وحيك الخاص. لا يكفي عبادة معلم عظيم أو محرّر ما لم تجد هذه القوة وهذا الحضور في حياتك، والذي سوف يطبق نفسه في ظروف يومية أكثر بساطة ودنيوية.
التباين هنا مهم ويجب فهمه. إذا كنت تريد أن يكون الدين شيئاً، فسوف تفقد جوهره ومعناه وتحوله إلى شيء آخر لم يكن من المفترض أن يكون عليه. إذا كنت تريد تحويل الدين إلى مجموعة من المثالية والمعتقدات أو إلى لاهوت معقد، فسوف تفقد ماهو الدين حقاً وما هو من أجله.
إن الجدل حول ما إذا كان عيسى أو محمد هو أعظم معلم أو مقدم الكلمة الأخيرة للبشرية أمر سخيف للغاية، وبعيداً عن طبيعة الدين ونية الدين كما نوى الرب أن يمثل هذا نوعاً من التقليل المثير للشفقة والتشويه لما هو الدين حقاً.
إن الإعتقاد بأن محمد أعطى الوحي الأخير هو إساءة فهم هدف الرب وحضوره. لأن لدى الرب الكثير من الأشياء ليقولها للعالم، لا سيما في نقطة التحول العظيمة هذه عندما تواجه البشرية عالماً متدهوراً، عالماً تتناقص فيه الموارد، عندما تواجه البشرية حقيقة الإتصال بالحياة الذكية في الكون — حدثان عظيمان أياً من وُحِيّ الرب السابقة لم تقصد معالجتهم أو يمكن أن تعالجهم بشكل كاف ومعقول.
أصبح الدين مليئاً بالأفكار والمعتقدات والمؤسسات والقوانين والمتطلبات التي أصبحت قمعية للناس أو بغيضة للأشخاص الذين يحبون الحرية. إنهم لا يلبون الحاجة الأعمق للنفس. لهذا السبب يجب أن تعود إلى ما هو أساسي، إلى ما هو حقيقي. المعبد والمسجد والكنيسة ودور العبادة القبلية هي أماكن لتكريم الغموض واستحضار الحضور والقوة.
يجب أن تصبح طريقة المعرفة الروحية، التي تقع في قلب كل ديانات العالم، تعاليمها الأساسية، بدلاً من التركيز على رجال الدين والرهبان والأفراد الاستثنائيين فقط. هذا هو التحدي الذي أمامكم، أو سوف يكون الدين جزءاً من مشكلة الإنسانية وليس وسيلتها الأساسية للمصالحة والإلهام والوعي الأخلاقي العالي. فليكن هذا فهمك.




