الناس مشغولين للغاية، ومحفزين للغاية، ومسرعين دائماً، وغير قادرين على البقاء ساكنين، وغير قادرين على الاستماع داخل أنفسهم، والعقل لا يهدأ، ويبحثون دائماً، ومليئين بالعاطفة، ومليئين بالخوف، ومليئين بالإقناع، ومليئين بالإنكار.
لماذا الأمر كذلك؟ لماذا هذه المخلوقات الذكية مثل البشر مدفوعة للغاية، وقلقة للغاية وغير قنوعين؟ لماذا هذا هو الحال مع الجميع تقريباً؟
يتحدث الناس عن حقيقة روحية. يتحدث الناس عن الرب. يتحدث الناس عن الجنة والنار. يتحدث الناس عن إيمانهم. لكنهم ما زالوا قلقين، مضطربين، مرتبكين.
لماذا هذا الأمر، حتى مع الإدراك بأن لدى المرء طبيعة أعمق، لازال هناك هذا القلق؟
الإجابة أعمق من ما قد يعتقده معظم الناس ومربكة أكثر من ما يعتقده الناس.
لأن الحضور قريب جداً منك، لكن إذا لم تستطيع أن تكون مع هذا الحضور، فأين سوف تذهب؟ ماذا سوف تفعل؟ كيف يمكنك تجنب التواجد مع شيء موجود دائماً، بداخلك ومن حولك؟
يبدو أنه حضور لا مفر منه، ومع ذلك لا يجربه الناس. قد تعتقد أنه سوف يكون موجوداً على الإطلاق، لكنه لا يزال غير معروف. حتى بين أولئك الذين يدّعون أنهم متدينون وملهمون ومرشدون، فهي تجربة أجنبية. وإذا جربوها، للحظات فقط في كل مرة.
إذا كنت لا تستطيع أن تكون مع شيء موجود في داخلك ومن حولك، فكيف سوف تهرب من هذا؟ أين سوف تذهب حيث لا يكون الحضور معك؟
إنها معضلة وغموض، والإجابة تبدو غامضة أيضاً. إنها التناقض من العيش في الواقع المتجلي حيث أن كائن روحي سوف يبدو غير روحي — يتألم مثل الحيوان، مدفوعاً بقوى خارجية، يتم إبقائه في نقطة منخفضة في الصراع من أجل العيش.
بالتأكيد، حتى أكثر الأشخاص تفاؤلاً سوف يواجهون نقاط التجربة المنخفضة هذه، وإذا كانوا صادقين مع أنفسهم، فإنهم يشعرون بأشياء في داخلهم بالكاد تكون مثيرة للإعجاب أو مرغوبة. لكن ما هو غير مثير للإعجاب، وما هو غير مرغوب فيه، ليس جزءاً من الحضور، لأنه نقي.
إذا جلس شخص ما ساكناً لفترة طويلة بما فيه الكفاية وكان قادراً على تهدئة عقله، فسوف يبدأ في الشعور بالحضور. إذا بدأ شخص ما في الشعور بحالته الحقيقية، والحالة الحقيقية لعقله وجسده، وكان قادراً على أن يكون مع نفسه على مستوى أعمق، فسوف يبدأ في الشعور بالحضور.
عندما يعطي الناس بصدق للآخر دون الرغبة في الإثراء الذاتي أو التحقق من صحة الذات، فإنهم يشعرون بالحضور. عندما تتأثر بالإلهام بفعل آخر، تشعر بالحضور. إنه قريب جداً. اخلع قشرة علم النفس البشري، وها هو الحضور.
ما هذا الحضور؟ و لماذا هو حاضر دائماً؟ إنه حضور عائلتك الروحية. إنه حضور الخلق. إنه حضور مصدر كل هذه الأشياء لأنك لم تترك الرب أبداً. لم تترك الرب جسدياً من مكان ما وتذهب إلى مكان آخر لا يوجد فيه الرب لأنه لا يوجد مكان لا يوجد فيه الرب. الرب كلي الحضور. حتى أن الرب موجود في الجحيم، أو في الحالات الذهنية الجحيمية.
يجب أن يكون تجنب الرب مشكلة حقيقية. لكن الناس يفعلون هذا. لا يعرفون حتى لماذا يفعلون ذلك، إنهم يفعلون ذلك.
عندما تترك هذه الحياة، وعندما يموت جسدك، فليس الأمر وكأنك تختفي وتذهب إلى مكان آخر. تكون استيقظت للتو على ما كان دائماً هناك. هناك من أرسلوك إلى العالم، ينتظرونك لتحيتك. وهناك الحضور، الحضور العظيم. لن تسافر من مكان إلى آخر لتجربة هذا. كان دائماً موجود هناك.
فلماذا يقاوم الناس هذا؟ لماذا يحاولون تجنب الأمر بأي ثمن؟ لماذا يسعون للحصول على تجربة دنيوية من المعاناة والنضال والتكيف المستمر بينما يمكنهم تجربة الحضور؟
إنه سؤال مزعج، ومع ذلك فإن إجابته هي تجربة بحد ذاتها — الرغبة في تجربة هذا الحضور، ونية منع المرء من التفكير والسلوك اليائس، والرغبة في اختبار الطبيعة الحقيقية للفرد وهدفه في العالم — نقطة تحول داخل الفرد.
بدلاً من الهروب، بدلاً من محاولة إبقاء نفسك في حالة من الخيال، في حالة من التأزم، تقرر أنك لا تريد هذه الأشياء بعد الآن، وأنت على استعداد لخوض عملية العودة إلى الحضور.
السبب في أنك لا تجرب الحضور لأنه مخفي — مخفي بمظهر العالم، مخفياً بتركيبة عقلك، مخفياً بظروفك وبتركيزك في الحياة. مثل النائم الذي ينام في الجنة، لكنه يحلم بالجحيم، غير مدرك أنه بعيداً عن حالته النائمة، فهو في مكان من النعمة والمعنى.
لقد استثمرت الكثير لتكون في العالم، للاستثمار في هويتك هنا. لقد قمت ببناء الكثير من المقاومة لحالتك الأصلية من خلال وجودك هنا، فأنت لا تريد أي شيء ينهي ذلك. وهذا جزئياً سبب خوف الناس من الموت.
لكننا لا نتحدث عن الموت. نحن نتحدث عن الاستيقاظ. نحن نتحدث عن نزع طبقات وطبقات من الخداع والهوس، كل ما وضعته فوق النور، كل ما وضعه العالم فوق النور، حتى يختفي النور ولا يُرَى بعد ذلك.
يبدو الأمر كما لو أن عقلك وجسدك قد أصبحا ظل المصباح، لكن الظل مظلم للغاية ومتراكب بحيث لا يتم أختراق الضوء من خلاله. بدلاً من إلقاء هذا الضوء على العالم، يبقى مختبئاً في داخلك. لا يزال مخفياً في الجميع تقريباً.
جزء من السبب الذي يجعل الناس لا يريدون الشعور بالحضور هو أنه يلقي بالشك على كل ما يحاولون امتلاكه، وأن يصبحوه، ويفعلوه. الحضور يلقي بالشك على حقيقة الانفصال نفسها.
إذا كان الرب موجوداً هناك، إذا كان الخلق موجودة هناك، فحتى عائلتك الروحية، التي بالكاد تتذكرها، موجودة هناك، فما هي هذه الحقيقة التي تجربها في العالم؟ ما مدى حقيقة ذلك؟ ما هي أهميته؟
يبدأ هذا نوعاً من الثورة في داخلك، ثورة مع قوى متعارضة — الرغبة في الاستيقاظ وتجربة الحضور والخوف من الحضور، والخوف من الألم الذي سوف يكشفه الحضور، والخوف من الفتنة والصراع الذي سوف يكشفه الحضور، الخوف من إدراك أن حياتك فارغة وأن أهدافك مشكوك فيهم.
من ثم هناك الخوف من الرب — الخوف من أنك أنكرت الرب وأن الرب سوف يعاقبك، والخوف من أنك كنت خاطئاً وسيئاً وأن الرب سوف ينزل عليك بطريقة ما غضبه واستياءه المزعوم. يعتقد الناس أن هناك يوم حساب، وهم بالتأكيد لا يريدونه أن يكون اليوم.
هذه هي المشكلة الكاملة مع الانفصال لأنه يتطلب إنكار الخلق. للعيش في واقع الانفصال يتطلب إنكار الخلق لأن الخلق من الرب. ليست هذه الأشياء المادية هي التي تلمسها وتحس بها. إن الأمر أبعد من ذلك بكثير.
عندما تبدأ في تجربة الحضور، يبدأ في جذب انتباهك. إنه أكثر جاذبية طبيعية يمكن أن تتواجد. بالطبع، تريد أن تجربه أكثر، خاصة عندما تكتشف أنه ليس هنا لمعاقبتك، عندما تكتشف أنه ليس مليئ بالإدانة والغضب والاستياء، عندما تكتشف أنه عجيب ورائع.
بالطبع تريد العودة إليه. ما الأمر الذي في هذا العالم يمكن له أن يمنحك هذه التجربة؟ هنا لا تغادر العالم، لكن بدلاً من ذلك تكتشف أن لديك هدفاً أعظم لوجودك هنا، ذاكرة طبيعية، إحساس أعمق. إنها متابعة تجربة الحضور، وهذا يسبق تجربة الحضور.
لكنه قرار واعٍ لتغيير حياة المرء، لتغيير الاتجاه، ومقاومة الاستثمار العظيم في الانفصال، ومواجهة الخوف، ومقاومة رغبة المرء التي تستمر في قيادتك إلى العالم — محاولًا أن تفقد نفسك هناك؛ تحاول إنشاء هوية جديدة هناك؛ تحاول أن تكون وتفعل وتوجد أشياء هناك.
هنا لا تتخلى عن كل شيء وتصبح زاهداً إلا إذا كان لديك نداء خاص للقيام بذلك. بالنسبة لمعظم الناس، يمثل هذا حقاً أن تكون حياتهم مُنَارة ومطلعة وتمر بمرحلة انتقالية عظيمة — داخلياً تحول عظيم وانتقال عظيم من الخارج. لأنك إذا شعرت بالحضور، أو على الأقل تدرك أنه موجود هنا يراقبك، فهذا سوف يغير حياتك وأهدافك وأولوياتك وكل شيء.
حتى حقيقة أن الرب يراقبكم تثير أعصاب الناس. إنه أمر مزعج لأنهم يحاولون الاختباء. مثل المخلوق الصغير الذي يريد الاختباء تحت صخرة، فهو لا يريد أن يُكتشف خوفاً من تدميره. هذه هي الطريقة التي ينظر بها الناس إلى الرب. حتى لو كانوا يؤمنون بالرب، فإنهم لا يريدون أن يجربوا الرب اليوم لأنه يبدو أن هذه هي نهاية كل شيء. ”آمن بالرب اليوم، ويمكنك أن تكون مع الرب لاحقاً، ولكن ليس اليوم، من فضلك — لست مستعداً للرب.“
هذا هو السبب في أن كونك متديناً لا يضمن أنك سوف تجرب الحضور أو الهدف الأعظم الذي أوصلك إلى هذا العالم. هذه الاكتشافات يمكن أن يقوم بها الشخص الذي ليس له دين أو حتى لا يؤمن بالدين. في بعض الأحيان، يمكن أن يجعل الإيمان بالدين هذا الاكتشاف الأساسي أكثر صعوبة بسبب الإيمان بالجزاء والاعتقاد بيوم الحساب والإيمان بالجحيم. لا أحد يريد مواجهة هذه الأشياء. ليس اليوم. ليس في أي يوم.
لذلك نعود إلى السؤال الأصلي حول سبب تجنب الناس. إنهم لا يريدون أن يفكروا في أن الرب يراقبهم وأن الحضور موجود هناك، ينظر إلى كل أفكارهم وسلوكهم، وكل آثامهم، وكل فسادهم، وكل تفكيرهم العنيف، وكل استيائهم ومظالمهم والأشياء الفظيعة التي تمر بخيالهم.
لكن هذه الأشياء لا تروع الرب، لأن الرب يركز عليك — ليس عليك أنت الذي خلقت نفسك في الانفصال، ولكن أنت الذي خلقك الرب، الذي هو جزء من الخلق نفسه.
ما نتحدث عنه هنا يقع في صميم معضلة الإنسان. وهي ليست معضلة إنسانية فحسب، بل هي معضلة لجميع أشكال الحياة الذكية الظاهرة في الكون وحتى في الأكوان الأخرى.
الأعراق الأخرى في الكون، على الرغم من أنها قد تبدو مختلفة عنكم، وحتى أولئك الذين لديهم تكنولوجيا أعظم لا يزالون يواجهون مشكلة الإنفصال الأساسية. الحضور معهم أيضاً، لكنهم لا يستطيعون الشعور به. إنهم لا يريدون ذلك. وفي معظم الحالات، لا يعتقدون حتى بوجوده.
إذن ما هي قيمة كل هذه الأشياء التي تبحث عنها في العالم — الراحة والأمان والمتعة والقوة والثروة — إذا سلبت اتصالك الإلهي، إذا طمست وعيك بالحضور ومعه هدفك الأعظم لكونك في هذا العالم في هذا الوقت؟
يمر الناس بلحظات حيث ينظرون إلى الأشياء بموضوعية أكبر ويفكرون، ”حسناً. هذه الأشياء التي يطالب بها الجميع ويرغبون فيها، هل هي حقاً بهذه الأهمية؟“ لديهم لحظات من الاستبطان. ربما بعد أوقات خيبة الأمل أو الإحباط، لديهم لحظات من الاستبطان — لحظات مفعمة بالأمل، ولحظات إعادة النظر.
الأمر لا يتعلق بالدين. لا يتعلق الأمر بالمنقذين. لا يتعلق الأمر بأي تقليد إيماني تنتمي إليه. إنه يتعلق بالحضور. لا يتعلق الأمر بأيديولوجيتك أو النظام الديني الذي قد تلتزم به.
يسأل الناس كل الأسئلة الخاطئة، كما ترى. كل التأكيد خاطئ. يعتقدون أن الأمر كله يتعلق بالأفكار. يعتقدون أن الأمر يتعلق بالولاء لأفكارك لأنهم يعيشون في عالم من الأفكار. إنه حقاً يتعلق بالحضور — ليس حضوراً شريراً، وليس حضوراً مخادعاً، بل الحضور الحقيقي.
هناك حضور شرير. هناك حضور مخادع. هناك حضور ظلامي، نعم، لكننا نتحدث عن الحضور الحقيقي. ما هو الحضور المظلم، إلا الظل على المنظر الطبيعي، عندما يكون الحضور الحقيقي هو النور الذي ينير المشهد بأكمله؟
إذا كنت سوف تجرب هذا الحضور بشكل أكثر اتساقاً، فسوف تبدأ في الشعور وتجربة أن لديك حضوراً وهدفاً أعظم في العالم، وهو اتجاه أعظم يجب اتباعه لا علاقة له كثيراً بأهدافك وتطلعاتك السابقة.
قد يتطلب منك إعادة النظر في كل ما تفعله — إعادة النظر في جميع علاقاتك، ربما باستثناء أطفالك، الذين سوف يكون عليك الحفاظ على منصب مسؤول كمقدم رعاية. سوف يكون عليك إعادة النظر في كل ما تفعله. لا يبدو أن الناس يريدون فعل ذلك. إنه الثمن البسيط الذي تدفعه مقابل الوحي، ويا له من ثمن زهيد مقارنة بما يتم الكشف عنه هنا.
أرسل الرب رسالة جديدة إلى العالم تكشف قوة الحضور. لقد وفر الرب طريقاً عبر دراسة الخطوات إلى المعرفة الروحية. كشف الرب الطبيعة الحقيقية لواقعك الروحي على مستوى المعرفة الروحية، الذكاء الأعمق بداخلك. كل هذا يهدف إلى إحضارك إلى الحضور، ومن ثم الوصول بك إلى هدفك الأعظم في العالم، الذي يعيش في أعماقك والذي كان معك طوال الوقت.
عندما نتحدث عن عودتك إلى الحضور، لا نعني العودة تماماً لأنك إذا فعلت ذلك، فلن تكون في العالم. سوف تفقد كل الرغبة والنية لوجودك هنا لأن الحضور قوي جداً وله جاذبية عظيمة.
لا، لا يريدك الرب إلا أن تجرب القليل من الحضور — وهو ما يكفي لتمكينك من إيقاف تفكيرك وسلوكك المدمر للذات، وهو ما يكفي لإشراكك في واقعك الأعمق، بما يكفي لمنحك الشجاعة لمواجهة وإعادة النظر في حياتك والظروف، يكفيك لتجربة قوة وحضور المعرفة الروحية في داخلك ولديك الشجاعة والرغبة في متابعتها فوق كل الأشياء الأخرى في الحياة.
ليس الهدف العودة إلى الرب. أولاً، يجب أن تحقق رسالتك ومصيرك في العالم وأن تدخل عالم الألم والصعوبة والارتباك والتباين، ولكن الآن بواقع أعظم يوجهك.
إذن لديك مذاق الحضور والعديد من أذواق الحضور، لكن لا يمكنك الذهاب إلى هناك بالكامل لأن ذلك سوف يخرجك من العالم. يريدك الرب أن تكون في هذا العالم، ولديك المعرفة الروحية الكاملة التي تحتاجها لتكون هنا — لا تفقد نفسك في الانفصال، ولا تحاول إعادة تكوين نفسك، ولا تحاول أن تجعل الانفصال ناجحاً، ولكن لتجرب وتحقق قدر أعظم هنا.
يبدو الأمر كما لو كان لديك هدفان لوجودك في العالم. لديك هدف شخصي هو الهروب إلى عالم من الانفصال. لكن الرب أرسل معك هدفاً أعظم للمساهمة في العالم، ويذهب معك في كل مكان.
لذا، بما أن الأمر صحيح بأنه لا يمكنك الهروب من الحضور، فلا يمكنك أيضاً الهروب من الهدف الأعظم الذي أتى بك إلى هنا. يذهب معك في كل مكان أيضاً. لكن معضلتك هي كيف سوف تجرب هذه الأشياء داخل نفسك وتذهب خلال الانتقال الطبيعي والتغيير في أولوياتك والشعور بالاتجاه الذي سوف تشير إليه هذه الأشياء؟
يتطلب الاستيقاظ من حياة الإدمان أن تتخلى عن تلك الحياة، ولا يريد الناس التخلي عن استثماراتهم السابقة. يريد الناس فقط أن يكونوا سعداء في استثماراتهم السابقة. لكن لا يمكنهم أبداً أن يكونوا سعداء هناك على الرغم من أنهم يواصلون المحاولة.
لا يمكنك جعل الحياة القديمة تعمل. أنت بحاجة إلى حياة جديدة. حتى لو بقيت في معظم ظروفك الحالية، فلا تزال بحاجة إلى حياة جديدة. يعطيك الوحي حياة جديدة. تمنحك رسالة الرب الجديدة للعالم حياة جديدة. حتى التقاليد الدينية العظيمة في العالم يمكن أن تمنحك حياة جديدة إذا استطعت فهمهم بشكل صحيح دون أن يُثَبِّطُكَ الكثير من أخطاء التفكير الموجودة هناك.
يستمر الناس في محاولة جعل حياتهم تعمل عندما لا تعمل حياتهم. يواصلون محاولة جعل ظروفهم جذابة ومقبولة لطبيعتهم الأعمق، لكن طبيعتهم الأعمق لها خطط أخرى. يحاولون الإيمان بالرب، لكنهم لا يريدون أن يظهر الرب في ذلك اليوم. يصلون من أجل الهداية والنجاة، لكنهم يخافون من الهداية والنجاة.
هذه هي معضلة الانفصال. إنها معضلة أساسية جداً لوجودك في العالم وللارتباك الذي تجربه بشأن نفسك ومكانك وهدفك هنا، وهو شعور بالارتباك يتخلل علاقاتك وأنشطتك.
هذا هو السبب في أن وحي الرب الجديد، كما في بلاغات الرب القديمة والوحي السابق، هناك دائماً هذا التركيز على العودة إلى الرب — لا عبادة الرب من بعيد، وليس مجرد الإيمان، ولكن فتح الباب في داخلك للوحي الداخلي، والذي يترجم في تجربة الحضور، واكتشاف أن للمرء هدفاً أعظم، والرغبة والقدرة على خوض ثورة عظيمة في داخلك تسمح لك بأستيعاب هذا الهدف ومتابعته ثم إعادة تطبيق نفسك في العالم.
سوف يجذبك الحضور، لكنه سوف يرسلك أيضاً. سوف يمنحك حياة جديدة بمرور الوقت، لكنه سوف يعيدك. ليس هناك هروب إلى الرب، لأن هذا ليس الهدف من كونك في العالم — هدفك الحقيقي. لكنك بحاجة إلى الرب أو الحضور ليتم إدراك هذا الهدف الحقيقي ولإيجاد الشجاعة لاتباعه.
حتى لو لم تكن شخصاً متديناً ولا تفكر من منظور ديني، فكل هذا يرقى إلى نفس الشيء — اقتناع داخلي عميق، وضمير داخلي عميق، ودافع داخلي عميق، وإحساس بما هو صواب وشعور عميق ما هو غير صحيح يبدو أنه يتجاوز وجهات نظر المرء السياسية أو مواقفه الاجتماعية، وضميراً أعمق لم تشكله ثقافتك ومجتمعك وأسرتك — ضمير أعمق نشأ في خلقك قبل وقت طويل من مجيئك إلى هذا العالم.
لذا في دراسة ”الخطوات إلى المعرفة الروحية“، تتعلم أن تظل ساكناً — ليس حتى تتمكن من الحصول على المعلومات، وليس حتى تتمكن من الحصول على الرقم الفائز، ليس حتى تكون أكثر ذكاءً ومكراً في الحياة، ولكن لتجربة الحضور.
أولاً، سوف تجرب حضور معلميك الذين يقفون حولك، أولئك الذين يتم إرسالهم للإشراف على حياتك وحياة الآخرين. إنهم موجودين خارج العالم المادي، وسوف تجرب حضورهم، وهو أمر قوي للغاية. لكن هذا سوف يقودك إلى تجربة حضور أعظم حيث تزداد رغبتك وقدرتك على الحضور.
الحضور ساحق للغاية لدرجة أنه عندما تجربه لأول مرة، فإنه يشبه وميض ضوء مؤقت، مثل وميض من البرق يضيء المشهد في الليل. لثانية وجيزة، يمكنك رؤية كل شيء، وبعد ذلك يصبح كل شيء مظلماً مرة أخرى. لقد مررت بلحظة من تجربة الحضور، لكنها كانت مجرد لحظة لأنك حقاً لا تملك بعد الرغبة أو القدرة على نمو تلك التجربة. يجب تطوير ذلك من خلال الممارسة والنية. الخطوات إلى المعرفة الروحية لديها العديد من الخطوات لتأخذك خلال هذا، لمنحك الوقت لبناء هذه الرغبة في الحضور وقدرتك على تجربته، والتي هي في الأساس قدرة على تجربة علاقة.
كما ترى، قدرتك على تجربة العلاقة تحدد جودة علاقتك بالآخرين. إذا كانت لديك قدرة محدودة للغاية، فسوف يحد ذلك من تجربتك في العلاقة مع الآخرين. هذا يترجم إلى حياتك بشكل مباشر وفوري. كلما جربت الحضور، زادت قدرتك على أن تكون مع الآخرين، وكلما زادت قدرتك على أن تكون مع نفسك، وزادت قدرتك على أن تكون في الحياة.
الترجمة إلى جودة حياتك هائلة وطبيعية. يجب أن يحدث الأمر. ولكن في هذه المرحلة، يجب أن تكون مقتنعاً، يجب أن يغريك الرب، ويغريك بوعد السلام والسعادة والمعنى والقوة والوفاء لأنك خائف جداً، خائفاً جداً من أن يظهر الرب يوماً ما ويعيد توجيه حياتك.
ومع ذلك هذا ما تريده. جزء منك يريده. جزء منك لا. جزء منك يسعى إلى العلاقة. جزء منك سوف يهرب منها. لذا فإن العمل على هذا يمثل عملية الوحي.
الوحي ليس مجرد لحظة مثيرة كبيرة. إنها عملية عودة. له لحظات مضيئة، لكنها عملية في الوقت المناسب — أكثر العمليات طبيعية على الإطلاق.
توقف للحظة. اسمح لعقلك بالاستقرار. تنفس بعمق. اذهب إلى مكان هادئ. ضع أفكارك وخططك وأهدافك ومشاكلك جانباً لفترة كافية، وقم بذلك بشكل متكرر بما فيه الكفاية، وتبدأ في تجربة الحضور. بعد فترة، تظهر، في لمحات صغيرة في البداية، وبعد ذلك، أثناء تقدمك، سوف يكون لديك تجارب أكبر معه، بما يكفي ليظهر لك ما تحتاج إلى رؤيته ومعرفته عن نفسك وعن ظروفك.
هذه هي عملية الوحي. تتحدث رسالة الرب الجديدة إلى العالم عن الوحي بهذه المصطلحات. إنها رسالة للعالم طاهره. لم تفسد من قبل القوى السياسية أو الأفراد الساعين للسلطة. إنها شيء نقي وأساسي. إنها معنية للجميع.
يمكن لها أن تنير حياتك إذا تعاملت معها بصدق وكنت على استعداد لاتباع توصياتها. رغبتك في هذا هي الرغبة في الحضور. استعدادك لهذا هو الاستعداد لتجربة الحضور وكل ما يكشفه الحضور. خوفك من هذا هو خوفك من الحضور. إن إنكارك لهذا هو إنكارك للحضور. مهما كانت الأسباب التي تقدمها لهذا الرفض فهي ثانوية وغير مهمة مقارنة بالرفض نفسه.
ليس الجميع على استعداد للوحي الشخصي. هذا ليس من شأنك. ما يهمك هو ما إذا كنت مستعداً، إذا كنت مستعداً للمضي قدماً في عملية الوحي — عملية الإضاءة، عملية التغيير، عملية إعادة التقييم، عملية تحويل تركيزك في الحياة من الانفصال إلى الاتحاد والعلاقة. يجب أن تفكر في هذه الأشياء، وتواصل التفكير في هذه الأشياء، ولا تتوقف أبداً عن التفكير في هذه الأشياء.
نحن جزء من الحضور، الجزء الموجود هنا لإرشادك وإحضار الرسالة الجديدة إلى العالم. نحن الذين حققنا القدرة على العيش خارج حدود العالم وحدود الجسد. ولذا فنحن نخدم الهدف من كل الحياة لأنه من دواعي سرورنا القيام بذلك.
أولئك مثلنا، الذين يمثلون خطة الإله، سوف يساعدونك أيضاً عندما تبدأ عملية الوحي هذه. سوف يشجعونك دون السيطرة على حياتك. لأنك يجب أن تتحكم في حياتك مسترشداً بالمعرفة الروحية.
هناك الكثير لتتعلمه والكثير من التعليم يجب إزالته حيث أي شيء نقوله يمكن إساءة تفسيره واستخدامه ضد الوحي. لكن هذه هي المخاطرة التي يجب أن نتخذها لإيصال هذا الوعي إليك ولتشجيعك على اتخاذ الخطوات إلى المعرفة الروحية، لإستقبال رسالة الرب الجديدة للعالم، والتي تُعطَى في وقت خطر جسيم على البشرية، وهو الوقت من التغيير العظيم والاضطراب. تُعطَى للناس في جميع التقاليد الدينية لإلقاء الضوء على تلك التقاليد وإبراز جوهر تعاليمهم حتى تتاح للجميع فرصة اختبار الحضور.
الحضور معك في هذه اللحظة. انه يقف خلفك مباشرة. إنه تحت سطح عقلك. إنه موجود في كل ما تراه وتلمسه. ومع ذلك، فإنه يتغلغل في هذه الأشياء خارج نطاقك المرئي. تجرب الحضور بإحساس أعمق يتجاوز حواس الجسد.
إنه معك الآن. كان معك البارحة. وسوف يكون معك غداً — يناديك وينتظر عودتك؛ في انتظار أن يمنحك حياة ذات هدف ومعنى واتجاه؛ بانتظار أن تختار مسار الوحي وتبتعد عن ظلام خيالك والحياة المخيفة التي تحاول أن تعيشها.
فليكن هذا فهمك.




