يجب أن يكون أي اعتبار للنفس متعلقاً فقط بظروفك الحالية، ومرحلة تطورك ونطاق الواقع الذي يمكنك تجربته. هذا، بالطبع، هو التحدي الذي يواجه أي فكرة عن الحقيقة الروحية في العالم — أن كل شيء متعلق بالمكان الذي تنظر منه وموقعك في الكون وفي الخلق.
لذلك، ما قد يكون صحيحاً في هذا الواقع قد لا يكون صحيحاً في البعد الآخر للواقع الذي ستختبره بالتأكيد عندما تغادر هذا العالم. الاقتتال والجدال وخوض الحرب على الأفكار الدينية مهمة الحمقى، على أقل تقدير، ومأساة مطلقة في الواقع.
إن الاعتقاد بأن الكتب المقدسة وحدها يمكن أن تخبرك بعقل الرب وإرادته هو استخفاف عظيم. لأنك يجب أن تجرب هذا على مستوى المعرفة الروحية داخل نفسك.
الدين إما مسار إلى طريق مسدود فكرياً، أو طريقاً لاكتشاف النفس، والحاجة العظيمة للنفس لتحقيق مهمتها ومصيرها في العالم، في خدمة الإنسانية وخدمة العالم. تم إرسال الجميع إلى العالم لخدمة العالم. لكن، بالطبع، لقد ضاعت هذه النية الأولية والأساسية وشُوشت وتغيرت وفسدت، مما أدى إلى العالم الذي تمرون فيه اليوم.
وهنا يأتي السؤال: ماهي النفس؟ سنعطيك فهماً هنا سيكون مفيداً للغاية، طالما أنك تتذكر أن هذا الفهم، وأي فهم نقدمه لك للأشياء التي تتعامل مع الأبدية، سوف ينمو و يتغير مع تقدمك. ما تخبره لطفل عن العالم ليس ما تقوله لشخص بالغ. ما تخبره لطفل عن الرب ليس ما تقوله لشخص بالغ. لذلك، فإن درجة نضجك ستحدد حقاً وعيك وفهمك، لا سيما التعامل مع الحقائق التي تمتد إلى ما وراء هذا العالم وما بعد هذه الفترة القصيرة من الحياة التي تسميها الحياة في العالم.
يندرج واقع النفس بالتأكيد مع هذه الفئة. فقد خُلقت قبل مجيئك إلى العالم، وستكون موجوده بعد مغادرتك العالم. لذا فإن فهمك الدنيوي، وهو مؤقت للغاية بالنظر إلى حدود وقتك ونشاطك في العالم، لن يعطيك سوى لمحة عنه من منظور معين.
لكن الوضوح هنا مهم دائماً للسماح لعقلك بالتوسع وتذكيرك بأن من أنت ليس عقلك، أو مجموعة أفكارك، أو ذكرياتك، أو مظالمك وما إلى ذلك. ما تم خلقه في العالم سيمر مع العالم في تجربتك إلى درجة كبيرة جداً.
ما هي النفس؟ النفس هي الجزء منك الذي خلقه الرب وهي دائمة والتي كانت موجودة قبل هذه الحياة وسوف تستمر إلى ما بعد هذه الحياة.
لذا فإن السؤال الذي يطرح نفسه: ما هي المعرفة الروحية التي تتحدثون عنها؟ المعرفة الروحية هي جزء من نفسك لم تنفصل عن الرب، وبالتالي فهي قادرة على الاستجابة لمشيئة الرب، وحماية الرب وحكمة الرب من حيث صلتها بحياتك وظروفك الخاصة، في حالة العيش هذه في العالم.
لذلك، في الجوهر، نفسك ومعرفتك الروحية ليستا متشابهتين بعد في تجربتك. نفسك في تجربتك، التي تعيش في حالة انفصال، هي جزء من هويتك الدائمة التي انفصلت عن الرب. ولكن بما أنك لا تستطيع أن تنفصل تماماً عن الرب، فإن الجزء منك الذي لم ينفصل عن الرب يمثل نعمة خلاصك.
أعد اتحاد النفس بالمعرفة الروحية والنفس تكون كاملة، والانفصال داخل النفس يتم إنهائه. بعبارة أخرى، جزء من النفس يسافر عبر الحياة ككيان منفصل، غير مدرك وخائف من مواجهة واقعه الحقيقي. يسير معه جنباً إلى جنب الجزء من نفسك الذي لم يترك الرب أبداً، ولكنه يستجيب لشيء مختلف تماماً وهو نوع مختلف جداً من الذكاء.
لم يكتمل الإنفصال مطلقاً لأنه لا يمكنك فصل نفسك عن مصدرك. على الرغم من أنك قد تحاول القيام بذلك وتستثمر نفسك كثيراً في هذا الجهد، إلا أنه في النهاية لا يمكن أن تنجح. هذا هو السبب في أن جميع الأنفس، في نهاية المطاف في الوقت المناسب، ربما في المستقبل البعيد البعيد جداً، سوف تعيد الإتحاد مع الرب.
في اللحظة التي تم فيها خلق الإنفصال، قبل خلق الزمان والمكان، تم إعطاء الإجابة. جاء الجواب لأنك لم تستطع الانفصال عن الرب، وهذا ما سينقذك في النهاية. بغض النظر عن انتمائك الديني أو نظام معتقداتك، بغض النظر عن وقتك، ثقافتك — حتى بغض النظر عن العالم الذي تعيش فيه في المجتمع الأعظم من العالمين في الكون — هذا هو خلاصك.
تعود إلى الرب من خلال المعرفة الروحية، والمعرفة الروحية هي الجزء الأعظم منك الذي لم ينفصل أبداً عن الرب. نستخدم مصطلح المعرفة الروحية لأنه مرتبط بالقدرة على اكتساب تجارب عميقة في التعرف والمعرفة. هنا المعرفة الروحية ليست مجموعة معلومات أو ما تتعلمه في الجامعة. هنا المعرفة الروحية ليست نظام إيماني أو فلسفي أو لاهوتي. إنها حركة الروح في داخلك.
إذن ما نقوله هنا هو أن روحك منقسمة. هذا هو المكان الذي حدث فيه الانفصال، كما ترى. ليس الأمر كما لو أنك طُردت من الجنة أو خرجت تنفث غضباً من الرب: ”سوف أصنع واقعي الخاص!“ مثل شجار العشاق، ”سأذهب بوحدي! لست بحاجة إليك! سأعيش بدونك. سأكون في عزلة“، كنوع من النشاط الجارح، كما ترى.
بالطبع ستدخل في عزلة وتعاني. غير متصل بمصدرك، ليس لديك الآن أي أمان. ليس لديك أي شعور بالديمومة. ليس لديك أي شعور بالعلاقة الجوهرية. أنت تلجأ إلى العالم كفرد. أنت تتبنى النموذج. أنت تطور فكراً للملاحة في العالم لأنه مكان صعب ولا يمكن التنبؤ به. ومن موقف العزلة، الانفصال والتجسيد هذا، تحاول أن تفهم ما هو الرب.
أرسل الرب رسائل بشكل دوري إلى العالم في نقاط تحول عظيمة للبشرية. لقد استحوذت العقول والتخيلات على هذه الْوُحْي، وغيّرتها وطبقتها، وشوّهتها لدرجة أنها أصبحت مليئة بالحقيقة والجهل. لتجد طريقك بداخلهم، وهو ما يمكنك فعله بالتأكيد، يجب عليك أن تفصل الحقيقة عن الجهل.
لا يمكنك معرفة الرب بفكرك. لم يتم خلقه ليشمل شيئاً عظيماً جداً. لأن الفكر يمكنه فقط أن ينظر في الأفكار الآخرى. يمكنه فقط النظر إلى الأشياء التي تشبه نفسه إلى حد ما، والرب ليس فكراً. يعتقد الناس في الرب كأنه شخص أو شخصية مرموقة، لكن الرب ليس بشخص أو شخصية مرموقة.
وجود الرب يتجاوز ماهو أبعد من إمساكك ومفاهيمك ومحاولتك لصياغة والحد من الرب. ستبدو مثل نملة تحاول فهم شمس نظامكم الشمسي. يمكنها أن تجرب قوة الشمس، وتستفيد من ذلك لتتمكن من العيش في العالم الذي تعرفه، ولكن الفهم لن يكتمل أبداً.
لطالما كانت وُحْي الرب تهدف إلى إعادة إشراكك مع طبيعتك الأعمق بحيث يمكن إصلاح الانفصال وإنهائه في النهاية بداخلك. لأنك لا تستطيع العودة إلى بيتك العتيق، حالتك الفردوسية، حتى يحدث هذا الإصلاح. لا يمكن للرب أن يزيل انفصالك لأن الرب لم يخلقه.
الرب يؤثر على الواقع، وليس ماليس واقع. لكن الرب قد أرسل المعرفة الروحية معك إلى العالم. إنها تذهب معك إلى كل مكان. بهذه الطريقة، ليس على الرب أن يعتني بحياتك وليس عليه أن يراقبك شخصياً لأن رب تريليون كون لا يمكن أن ينشغل بشؤونك اليومية، أو انشغالاتك أو صراعاتك الداخلية. إن الاعتقاد بأن الرب يتحدث إليك كل يوم هو جعل الرب خادمك الشخصي، فتى مهامك، مثل نوع من الإله الصغير المنشغل بما تفعله.
إن الرب هو الجاذبية الأعظم يناديك للعودة، يناديك من خلال مبعوثي الرب، ويناديك من خلال المعلمين الروحيين الحقيقيين الذين يعيشون في العالم اليوم، ويناديك من خلال التقاليد العظيمة على الرغم من مجموع أخطائهم ومفاهيمهم الخاطئة.
لقد أعطاك الرب المعرفة الروحية لإرشادك وحمايتك وقيادتك إلى إنجازاتك العظيمة في العالم. بهذه الطريقة، لا يجب أن يكون الرب شيئاً آخر غير الرب. وعليك أن تتعايش مع حقيقة أن هناك حقيقة أعظم في داخلك — ضمير أعمق، وأساس أخلاقي أساسي لا يمكن خداعه، ولا يمكن إفساده، ولا يمكن استخدامه لأغراض أنانية.
لأن المعرفة الروحية ليست مورداً لفكرك. في النهاية، فكرك هو مورد للمعرفة الروحية. لكن لكي ترى هذا، عليك أن تحول شعورك بالهوية إلى جزء أكثر ديمومة وأعمق بكثير من وجودك لترى أن فكرك هو أداة رائعة للتواصل. إنه موجود لخدمة الروح وليس لسجن الروح.
لكن هذه الثورة داخل نفسك والتي تعيدك إلى مصدرك وإلى طبيعتك الحقيقية هي شيء لم يمر به معظم الناس، حتى بين أولئك الذين يدعون أنهم متدينون وقادة متدينون. إنهم يعتمدون كثيراً على معتقداتهم وأفكارهم، وهذا لا يعني أنهم سافروا بعيداً على الإطلاق في الرحلة الروحية الأعظم التي يجب على كل شخص القيام بها.
هناك فرق بين حامل الأسفار والشخص المليء بروح الرب. لا تحكم على الآخرين في هذا الصدد. يكافح الجميع مع هذا إلى حد ما على مستويات مختلفة من اكتشاف الذات. كثير من الناس لم يبدأوا حتى. البعض يكافح في البداية. يكافح الآخرون ويحاولون إيجاد طريقهم أثناء صعودهم إلى هذا الجبل العظيم.
التألق الفكري ليس قوة المعرفة الروحية. إن إبهار مستمعيك وابهارهم بالبلاغة، أو دراسة متعمقة للتاريخ، لا تمثل القوة الأعظم للمعرفة الروحية بداخلك. يمكن للمعرفة الروحية أن تتحدث من خلال عقل متنامي. يمكن أن تتكلم من خلال فكر متسع. وستقوم بهذه الأشياء وفقاً لما هو مناسب لحياتك. لكن لا تخلط بين الاثنين، كما يفعل الكثير من الناس.
نفسك ضائعة، لكن نفسك لا يمكن أن تضيع تماماً لأنها مرتبطة بالرب من خلال المعرفة الروحية، من خلال ذلك الجزء منك الذي لم يترك الرب أبداً. المعرفة الروحية التي تنتقل معك في كل لحظة، معك كل يوم في كل موقف، وتقدم لك المشورة وترشدك.
لكن لا يمكنك أن تشعر بمشورتها أو تتبع إرشاداتها لأنك ضائع لحد بعيد ومأسور بالعالم وبتخيلاتك ومخاوفك الداخلية، وصراعاتك الداخلية، وعدم مسامحتك، ومظالمك، ومواقفك، ومعتقداتك الثابتة. يبدو الأمر كما لو كنت عالقاً في حظيرة في وسط المدينة، وذراعيك و رأسك مقفلان في الحظيرة، ولا يمكنك الخروج والتواجد في المدينة لأنك عالق هناك. هذا هو تاج أشواكك. هذا هو سجنك.
يحتفل العالم بالمفكرين اللامعين والمواهب الفنية. إنهم يحتفلون بالإنجاز الفردي. لكنهم لا يعرفون قوة وحضور المعرفة الروحية. سيكرمون قديسيهم، ولكن فقط عندما يموتون ويذهبون، ولم يعودوا مشكلة اجتماعية أو سياسية أو دينية.
لكن الناس ما زالوا قادرين على إلهام الآخرين لأن المعرفة الروحية تتحرك من خلالهم إلى حد ما. المعرفة الروحية في كل مكان. مظاهرها من خلال العطاء المتفاني، ومظاهرها من خلال التشجيع والإلهام، ومظاهرها من خلال أشكال لا حصر لها من المساهمة في رفاهية الأفراد ورفاهية الأمم والشعوب والعالم بأسره بطرق متجلية ولا تحصى.
أنت تعيش في عالم يعرض المعرفة الروحية طوال الوقت، وتعيش في عالم يعرض إنكار المعرفة الروحية طوال الوقت. أين ستضع تركيزك إذن؟
ما ينكر المعرفة الروحية هو، في جوهره، شر لأنه ينكر نعمة الرب وقوة الرب. لن يعاقبك الرب على هذه الأمور، لكن هذا سوف يحرمك من نعمة وقوة الرب وكل العزيمة والراحة والأمان الذي سيعيده لك مع مرور الوقت.
إن العودة إلى الرب ليست مجرد قرار تتخذه يوماً ما. إنه تغيير جوهري في القلب يجب التعبير عنه وإثباته في العديد من المواقف، مما يؤدي إلى العديد من عتبات القرار. وهذا هو سبب التقدم هنا خطوة بخطوة. إنه أمر تدريجي.
لن يدعك الرب بأن تكون قريباً من الرب لأن الرب يريدك أن تكون هنا. لن تسمح لك الملائكة بأن تكون قريباً منهم لأنك إذا اقتربت منهم، فلن ترغب في أن تكون في هذا العالم بكل صعوباته، وعلاقاته المجزأة، وعلاقاته الإنسانية الإشكالية. يريد الرب أن يوجه عينيك إلى العالم، ولكن بقوة وحضور المعرفة الروحية لإرشادك.
هنا يتم تقليل الإنفصال، خطوة بخطوة، شيئاً فشيئاً. تبدأ قوته في التلاشي. يبدأ تأثيره في التقلص ويتم استبداله بقوة أعظم متأصلة فيك وفي جميع الأشخاص الموجودين هنا.
يمكن التعرف على فعل أصيل من اللُّطْف في أي مكان، من قبل أي ثقافة. ليس عليك ترجمة اللغة. ليس عليك فهم الثقافة بجميع أبعادها. ليس عليك أن تكون أكاديمياً في هذا الشأن. إنه ببساطة فعل يحظى باعتراف كوني.
يحكم العالم الخوف — الخوف من الضياع، والخوف من فقدان مايملكه المرء، والخوف من الموت، والخوف من النكران، والخوف من الرفض، والخوف من الطرد والإنكار. هذه قوة موجودة في حالة الانفصال. إنه شيء غير معروف في بيتك العتيق.
لا يمكنك العودة إلى الرب في نهاية هذه الحياة لأنك لست مستعداً. لم تبني قدرتك على العلاقة بشكل كاف. لم توسع تجربتك في نفسك لتشمل الآخرين بشكل كافٍ حتى الآن.
لذلك، حتى لو أصبحت شخصاً حكيماً ومتقدماً جداً في العالم، فسيتم تكليفك بمهمة أعظم. ربما ستكون من بين أولئك الذين يخدمون من يتخلفون. ربما سيتم إرسالك إلى مكان آخر في الكون لتخدم وفقاً لنسبك وتاريخك الطويل. إذا حققت أي درجة من النجاح فيما يتعلق باسترجاع المعرفة الروحية في حياتك، فلن يضيع الرب ذلك لأن هديتك تنمو من خلال المساهمة. تنمو قوة المعرفة الروحية من خلال المساهمة. إنها ليست مسألة هروب من الحياة الجسدية. إنها مسألة خدمة على مستويات عديدة، وتمتد إلى ما هو أبعد مما يمكن لعقلك تخيله حتى في هذه اللحظة.
ما هو الجحيم ولكن الاضطرار إلى العودة إلى هنا والقيام بذلك من جديد، أو الاضطرار إلى الذهاب إلى مكان آخر قد يكون أكثر صعوبة؟ أن تعتقد أنك ستذهب إلى الجنة أو النار في يوم الحساب في نهاية هذه الحياة — فهذا دين للأطفال الصغار الذين لا يعرفون شيئاً عن الخلق وخطّة الرب. لن تضيع نجاحاتك، بل سوف تتضخم وتتوسع في خدمة المنفصلين الذين يشكلون حقيقة الحياة في الكون المادي.
هكذا ترى هنا، نفسك، وهي تنمو، لا تتضاءل. تتوسع. لم تعد نقطة ضوء واحدة، بل أصبحت الآن مجموعة من الأضواء. تحتفظ ببعض من تفردها، لكن واقعها وهويتها تستندان على شدة علاقاتها الأساسية. بما أن الرب هو علاقتك النهائية، فأنت تستعد للرب من خلال تطوير علاقات حقيقية وأصيلة والتي تخدم هدفاً أعظم في حياتك المؤقتة في العالم.
في هذا الصدد، الجحيم دائماً ما يكون مؤقتاً. إن إرادة الرب هي أن يستعيد كل ذلك الجزء الصغير من الخليقة الذي انفصل وفقد نفسه في وقائع أخرى.
المأساة في الوقت. مع مرور الوقت، أنت تعاني. مع مرور الوقت، تخسر الفرص. بمرور الوقت، تفشل في مهمتك في التواجد في العالم. بمرور الوقت، أنت تنتج المزيد من المعاناة للآخرين والمزيد من المعاناة لنفسك نتيجة لذلك — مما يؤدي إلى تفاقم مشكلتك، وتعميق معضلتك، وزيادة ظلمة عقلك.
هناك بالتأكيد جحيم أسوأ من هذا. الإنسانية ملفتة للنظر فى درجة المعاناة التي يمكن أن تولدها لنفسها، سواء على المستوى الفردي أو الجماعي. سوف يستردك الرب في النهاية، لكن النهاية يمكن أن تستغرق وقتاً طويلاً من الآن، وأنت تعاني مع مرور الوقت. وتَذبُل مع مرور الوقت.
لا يمكن لنفسك أن تتحد دون استرجاع المعرفة الروحية. يجب أن يوجه هذا الجزء الحكيم منك ذلك الجزء الأحمق منك. هذا الجزء منك الذي لم ينفصل عن الرب يجب أن يوجه ذلك الجزء منك الذي لا يزال يعتقد أنه في حالة انفصال عن الرب.
بهذه الطريقة، لا يتعين على الرب أن يبذل جهداً خاصاً من أجل خلاصك لأن العملية جارية بالفعل. لا يجب أن يكون الرب معالجك أو مستشارك أو مرافقك الشخصي، ولا حتى الحضور الملائكي. يعتقد الناس أن الحضور الملائكي يشبه مرة أخرى عذارى على أسرتهم، وخدامهم الشخصيين. هذا، بالطبع، سخيف.
الكيانات اللامرئية، الحضور الملائكي الذين قد ينصحونك في بعض الأحيان، لديهم الآلاف من الأفراد الذين يتعين عليهم الاعتناء بهم. إنهم لن يتباطؤا معك ومع حماقاتك. لكنهم سوف يستجيبون لتلك اللحظات التي ينشط فيها عقلك وتظهر احتمالات أعظم بالنسبة لك.
ثم تصبح نفسك أعظم، وأكثر اتساعاً، وأكثر شمولاً للآخرين كلما تقدمت، وبينما تحرز تقدماً في تطورك الروحي. فلم تعد تعيش لنفسك فقط. أنت تعيش أيضاً من أجل الآخرين ومن أجل رفاهيتهم. ربما يشمل إحساسك بالآخرين أسرتك فقط، ولكن يمكن أن يشمل أشخاصاً آخرين. يمكن أن تشمل صوراً بانورامية أكبر للعلاقة، والتعامل مع الأحياء المجاورة والمجتمعات. حتى أن هناك بعض الأفراد الذين ينظرون إلى الإنسانية على أنها علاقتهم الأساسية. لكن هذه حالة متقدمة جداً ولا يُقصد بها إلا بعض الأشخاص الذين يجب أن تعمل مساهمتهم داخل ساحة كبيرة جداً.
هدفك الأعظم في العالم ليس من اختراعك، ولا يمكنك الوصول إليه بشروطك الخاصة. يجب أن يتم الكشف عنه لك، ويجب أن تكون على استعداد لحدوث هذا الوحي وأن تتحلى بالصبر والتواضع لتتمكن من تلقي هذا بشكل تدريجي، لأنه لا يمكنك مواجهة كل شيء دفعة واحدة.
هنا تدرك أن عقلك ليس واقعك الأعظم على الرغم من أنك سمحت له بالسيطرة عليك والهيمنة عليك، وقد عرفت نفسك به بشكل غير لائق. لا يزال جزءاً من وجودك في العالم. لا يزال يميزك في نواح كثيرة. لا يزال هو السبيل لمواهبك الفطرية للتعبير عن نفسها في العلاقة مع الآخرين. لكنك تستمع إلى قوة أعظم الآن.
تأتي هذه القوة من الداخل و من الخارج. يمكن إرسال الرسائل إلى عقلك من خلال الحضور الملائكي، ولكن الأهم هو أن المعرفة الروحية بداخلك تؤكد هذه الأشياء.
المعرفة الروحية حقاً هي النقطة المحورية. إنها ليست حتى الرب. لا يمكنك التركيز على الرب. يمكنك التركيز على أفكارك عن الرب أو إيمانك بالرب، ولكن ما هذا؟
إنك تجرب الرب من خلال اتصال أعمق في داخل ذاتك، و اتصال أعمق بالآخرين واتصال أعمق بالقوى الغير مرئية في الكون التي توجه بالفعل تيارات حياتك.
عقلك مثل المحيط على السطح — مضطرب ولا يمكن التنبؤ به، لاطائل منه، تضربه رياح العالم، في يوم يكون هادئ، وفي يوم مضطرب. تنظر إلى السطح ولا يمكنك أن تفهم أي شيء منه. ليس له اتجاه معين إلا عندما ترى أنه محكوم بالمد والجزر، الذي تحكمه قوى فلكية خارج نطاق تجربتك الشخصية. ولكن حتى أبعد من ذلك، يحتوي المحيط نفسه على تيارات أعمق تحرك مياه العالم في جميع أنحاء الكوكب، تحكمها قوى أعظم من رياح العالم.
أترى، عقلك تضربه رياح العالم. يوم أنت سعيد. يوم أنت حزين. يوم أنت مضطرب. يوم أنت غير متسق. ويوم تعاني من أشياء لا معنى لها. ويوم تسعى وراء أشياء لا معنى لها. أنت في صراع مع نفسك ومع الآخرين. أنت لا تعرف ما تفعله أو ما تريده — مرتبك بشدة، ومتضارب بشدة. إنها فوضى. هل تعتقد أن الرب سوف يعمل على حل هذه المشكلة من أجلك؟
الرب فقط يبعدك عنها. وعلى طول الطريق، أنت تقوم بتنظيف الفوضى. أنت تسد فجوة عدم المغفرة مع نفسك والآخرين. تقوم بالتعديلات. تغير مسارك. تغير سلوكك. تغير أفكارك. حتى أنك تغير مفهومك الكامل عن نفسك.
إذا لم يكن الناس على استعداد للقيام بذلك، فلن يحدث شيء. يمكن أن يكونوا كهنة. يمكن أن يكونوا حكاماً. يمكن أن يكونوا رؤساء. يمكن أن يكونوا ملوكاً. يمكنهم إدعاء أي شيء، لكنهم ليسوا أكثر مما خلقوه داخل أنفسهم. بدون المعرفة الروحية، هذا لا شيء — صخب، لفتة فارغة، شخص يبكي في مهب الريح، منسي، غير ملحوظ.
لكن حياتك مهمة. أنت لم تُنسى، وقد تكلّم الرب مرة أخرى ليكشف عن الطبيعة الحقيقية للنفس وخلاصها. هذا في قلب جميع أديان العالم، ولكن ما هو في القلب يمكن إخفاؤه بما يدور في العقل.
يحتاج الكثير من الناس إلى هذا التوضيح، ضمن تقاليدهم الدينية وأولئك الذين ليس لديهم تقاليد دينية. لأن البشرية تواجه التغيير العظيم الذي سوف يأتي إلى العالم — صعوبات عظيمة وتحديات عظيمة. يمكن لهذه الأمور أن تستدعي منك مواهبك الحقيقية وطبيعتك الأعمق إذا كنت تعرف كيفية الاستجابة لهم. لكن للإستجابة، يجب أن تتعرف عليهم وتستعد لهم. ولهذا سوف تحتاج إلى مساعدة الخالق، لأن البشرية غير مدركة وغير مستعدة.
عندما تغادر هذا العالم، ستكون نفسك مختلفة عما تعتقد أنها عليه الآن. عندما تتطور، ويتسع عقلك، وتتوسع النفس لتصبح مجموعة من الأضواء بدلاً من ضوء فردي، سيكون تعريف النفس وتجربتها مختلفين تماماً.
فليكن هذا فهمك.




