يوجد سعادة أعظم وإنجاز ينتظرانك. إنها سعادة وإنجاز أعظم سيكونان نتيجة للارتباط العميق بالهدف الأعظم ومعنى حياتك.
لن تكون سعادة لحظية، مثل تلك التي تشعر بها من التحفيز الممتع. ليست سعادة تحتاج لبذل جهود عظيمة لتحقيقها عبر أنشطة خارجية أو ترفيه.
إنها بالأحرى إحساس دائم بالاتصال بداخلك، بأنك شخص كامل، بأنك متكامل. إنها سعادة تولد من إدراك أنك هنا لهدف أعظم، وأنه حتى لو بقي هذا الهدف غير محدد وغير محقق بعد، فإنك تشعر بالارتباط به. ولديك الحرية لاتباعه.
محاولة أن تكون محفزًا بسعادة طوال اليوم، محاولة الهروب من مشاعرك الأعمق ومسؤولياتك الأعظم في الحياة، أمر جذاب للكثيرين بالتأكيد. هناك أشياء داخل أنفسهم لا يريدون مواجهتها. هناك أشياء في العالم لا يريدون مواجهتها. هناك موجات عظيمة من التغيير قادمة للعالم لا يريدون مواجهتها. والسعادة التي يحاولون تأمينها وحمايتها عابرة جدًا ومليئة بالكثير من القلق والكثير من الهم.
فعندما لا تكون متصلًا حقًا بالتيار الأعمق لحياتك، تكون غير مرتاح، تكون قلقًا، تكون مضطربًا، تكون غير مرتاح. أن تكون غير منسجم مع نفسك، خارج العلاقة مع طبيعتك الأعمق، لا يمكن أن ينتج أي نوع من الراحة الحقيقية أو العزاء. محاولة الهروب من نفسك، محاولة عدم رؤية ما يأتي في أفق حياتك، يزيد فقط من هذا الانزعاج.
الآن تصبح السعادة نوعًا من المخدر. تريد أن تأخذ مخدرًا أو مهربًا يخلصك من قلقك وتوترك الدائمين. تريد أن تكون تافهًا، تريد أن تكون خاليًا من الهموم، تريد أن تكون خفيف الظل. لكنك تعيش تحت سحابة مظلمة من عدم اليقين.
أن تكون خارج العلاقة مع طبيعتك الأعمق يجعل من الصعب جدًا أن تكون لديك أي نوع من العلاقات ذات المعنى مع أي شخص آخر، لأنك سترغب في تجنب ما تتجنبه في نفسك. وتأمل أن يكو،بون وجودكم معًا لا يحفز مشاعر غير سارة أو ذكريات مؤلمة. تحاول التصرف بشكل جيد — ألا تكون غاضبًا، سريع الانفعال أو انتقاديًا. عليك أن تكبح نفسك. لا يمكنك أن تكون مرتاحًا.
هذه الآلام شائعة جدًا لدرجة أن الناس يعتبرونها أسلوب حياة طبيعي، حالة وعي طبيعية. يهرب الناس من أنفسهم في العمل، يشعرون أن انشغالهم المفرط مبرر دائمًا. يهربون في علاقاتهم العاطفية، في صعوبات الآخرين. يهربون في هواياتهم، أو تركيزهم المفرط على أمور تافهة، محاولين أن يكونوا سعداء.
محاولة أن تكون سعيدًا تؤدي إلى خداع الذات، لأنك ستجد نفسك تنكر تجربتك الخاصة والكثير من الواقع حولك لمحاولة الحفاظ على هذا الإحساس بالسعادة وعدم الاكتراث. يقول الناس إنهم يعيشون للحظة، لكن ما يقولونه حقًا هو أنهم لا يستطيعون مواجهة المستقبل، ولم يحلوا الماضي.
فأنت لديك علاقة بالمستقبل ولديك علاقة بالماضي، ولكي تكون حاضرًا بالكامل في اللحظة، يجب أن تكون حاضرًا مع كل ما هو موجود حقًا. لا يمكنك أن تفكر: “سأكون حاضرًا فقط مع الأشياء التي ترضيني، فقط الأشياء التي تطمئنني، فقط الأشياء التي تلبي توقعاتي.“
هذا ليس حضورًا. والحضور هو الأساس لتكون قادرًا على تجربة الحب والتآلف والعطف. إذا لم تستطع أن تكون حاضرًا مع تجربتك الخاصة، فلا يمكنك حقًا أن تكون حاضرًا مع تجربة الآخر.
إذا قلت للحياة: “أريد فقط أن أرى الجيد. أريد فقط أن أرى السعادة. أريد فقط أن أرى الممتع”، إذن فأنت لست في علاقة مع الحياة، لأن الحياة تشمل مجموعة واسعة من التجارب.
أن تكون خارج العلاقة مع نفسك، ستشعر بالانفصال، لن يكون لديك أي ثقة حقيقية، لن تعرف حقًا ما أنت قادر عليه. لن تعرف نقاط قوتك وضعفك بوضوح كافٍ لتمييزها. إنها حالة دائمة من الإحباط، العصبية والقلق.
الآن تصبح السعادة مخدرًا، وفي كثير من الحالات هي مخدر. تأخذ مخدرًا لتشعر بالراحة، لتشعر بالإبداع، لتشعر بالنشاط. لقد فقدت اتصالك بالمعرفة الروحية الأعمق والوعي داخل نفسك. والآن المخدر موجود لتخفيف ألمك وقلقك. لديك مشاعر عميقة، وهي تستمر في الظهور، لكنك تستمر في الهروب منها.
هذا يؤدي إلى أشكال أعظم من التجنب والإدمان. إنها مشكلة أساسية في الحياة. لكن الرب منحك ذكاءً أعظم، أعمق في داخلك. هذا الذكاء الأعظم قوي. ليس مشروطًا بالعالم. لا يهدده العالم. إنه لا يخاف. إنه قادر. وهو حكيم. إنه يمثل معرفة روحية أعمق في داخلك.
أن تبدأ في اتخاذ الخطوات إلى المعرفة الروحية، لتختبر قوة وحضور المعرفة الروحية، هو أن تعيد بناء اتصال أساسي بالتيار الأعمق لحياتك.
على طول الطريق، سيتعين عليك مواجهة ألمك، غضبك، عدم مسامحتك. سيتعين عليك إعادة فحص علاقاتك السابقة وممارسة الاعتراف والغفران. سيتعين عليك مواجهة كل تلك الأشياء التي ربما كنت تحاول تجنبها في الماضي، لكنك تفعل هذا الآن لبناء اتصال حقيقي داخل نفسك.
هذا يجعلك أكثر انفتاحًا على الآخرين، أكثر تمييزًا لهم، وأكثر موضوعية في فهمك لهم. هذا يخرجك من الظلال، من ظلام ألمك وتجنبك. هذا يقودك إلى سعادة أعمق وإشباع أعظم.
المعرفة الروحية داخلك تمنحك القوة لمواجهة هذه الأشياء. وعندما تصبح أقرب من المعرفة الروحية، ستشعر أن قوة عظيمة تعيش في داخلك، وأنك لست ضعيفًا أو مثيرًا للشفقة. هذا يبدأ في محو أي شعور بتدني احترام الذات. ويظهر لك أن أخطاءك في الماضي، وأخطاء حكمك، وسوء تقديرك، كانت كلها لأنك لم تكن متصلاً بهذا الذكاء الأعمق.
حولك، سترى أشخاصًا يحاولون الهروب من أنفسهم، يحاولون تجنب الأشياء، وستفهم محنتهم. لن تكون متحاملًا أو مدينناً سوف تفكر في نفسك: ”آه، نعم، أنا أفهم كيف يكون ذلك. لقد عشت في تلك الحالة العقلية من قبل.“
ينقذك الرب لأن الرب يعطيك شيئاً مهماً لتفعله في الحياة. وهذه المجموعة المهمة من الأنشطة تتضمن علاقات مهمة مع الآخرين. تبدأ في محو كل عدم المسامحة لديك مع نفسك ومع الآخرين. تعيد إليك قوتك وإحساسك بالاتجاه الحقيقي في الحياة، وتؤكد أنك أتيت من بيتك العتيق حاملاً هدايا للعالم، وهذه الهدايا ثمينة وفريدة لك، وأنك مصمم بشكل فريد لتقديمها وحملها والتعبير عنها.
يتم محو الألم العميق للانفصال عن الرب والألم العميق للانفصال عن طبيعتك الأعمق هنا.
الآن الحياة مجرد مشاكل، صعبة ظرفياً، مزعجة أحياناً، لكن في داخلك، هناك إحساس أعمق بالصحة في حياتك. أنت على المسار الصحيح. أنت لا تتجول بلا هدف. أنت لا تغلب عليك خيبة الأمل أو الاضطراب.
صعوبات الحياة ظرفية. هم أقل شخصية بالنسبة لك. لا يزال لديك نقاط ضعف ونزعات معينة يجب أن تكون حذراً معها. لا يزال لديك ميول معينة يجب أن تديرها بحكمة. لكن بشكل أساسي قد أعيد اتصالك بالهدف الأعظم لوجودك هنا. وأنت تتبع هذا الهدف خطوة بخطوة، تسمح له بأن يكشف نفسه لك أثناء تقدمك.
هذا يتطلب ثقة عظيمة بالنفس وثقة عظيمة. هنا لا يجب أن تطمئن نفسك باستمرار، أو تثبت لنفسك أنك ذو قيمة، أو أنك ذكي، أو أن حياتك لها معنى، لأن هذه الأشياء ستكون واضحة بذاتها.
ينقذك الرب بإعطائك شيئاً مهماً لتفعله في الحياة. هذا هو الشفاء حقاً، كما ترى، لأنك أرسلت إلى العالم لتعطي شيئاً فريداً جداً لتلبية حاجة حقيقية في العالم. وإذا كنت تفي بهذه المهمة وتسمح لها بأن تكشف نفسها لك خطوة بخطوة، فأنت بذلك ترضي أعمق احتياجات نفسك.
مهما كانت القيود التي لديك في داخلك، مهما كانت الانزعاجات الصغيرة التي لديك مع الحياة، مهما كانت خيبات الأمل التي قد تواجهها على طول الطريق، لا شيء يمكن أن يمحو هذا الإحساس بالصحة بأنك تفعل حقاً ما أتيت إلى هنا لتفعله. هذا ينتج سعادة وإشباعاً عميقين ودائمين.
هذا لا يعني أنك تضحك طوال اليوم. لا يعني أن كل لحظة ممتعة. لا يعني أنك خالٍ من الهموم. لكنه يعني أنك متصل، أنك متصل حقاً بالسبب الذي أتيت من أجله وبمن أنت. وتبدأ في الاتصال بالأشخاص في الحياة الذين تحتاج حقاً إلى معرفتهم ومقابلتهم.
هذا يزيل مصدر معاناتك، الذي هو نتيجة الانفصال أو الانفصال عن طبيعتك الحقيقية، عن خالقك، وعن هدفك الحقيقي لوجودك هنا. إذا كان لديك هذا الانفصال، فلا يمكن لأي قدر من المتعة أو التحفيز أن يمحو الشعور العميق بالوحدة وعدم الرضا الذي ستشعر به وتحمل معك في كل مكان.
يمكنك أن تعيش حياة سهلة، حياة دون مطالب كبيرة، وستظل قلقاً — تتجول مثل حيوان في قفص، ذهاباً وإياباً، غير قادر على الجلوس مع نفسك بهدوء، غير قادر على أن تكون مع أي شخص آخر بشكل كامل وكلي — قلقاً، مضطرباً، مشوشاً.
يعطيك الرب الهروب من هذه الأشياء بإعطائك شيئاً مهماً لتفعله وتعلمه وتجربه. عندها يمكنك أن تتعلم أن تكون جاداً وخفيف الظل في نفس الوقت. في البداية، يبدو هذا تناقضاً. كيف يمكنك أن تكون جاداً وخفيف الظل في نفس الوقت؟ لأن أي شيء يبدو جاداً سيكون شيئاً لا يمكنك أن تكون خفيف الظل بشأنه. لذا يبدو الأمر متناقضاً في البداية.
لكن عندما تبدأ في تجربة أنك تأخذ حياتك بجدية، أنك تُقَيم بجدية ما تحتاج حقاً لفعله، عندما تبدأ حقاً في إعادة الاتصال بالتيار الأعمق لحياتك وبهدفك الأعظم لمجيئك إلى هنا، وهو مسعى جاد، عندها تبدأ في الشعور بارتفاع قمع داخلي عنك.
يبدأ الظلام في عقلك في الارتفاع، مثل الضباب الذي يتبخر تحت شمس الصباح. وعندما يبدأ هذا الضباب في التلاشي، تصبح قادراً على رؤية وشعور ومعرفة أشياء كانت غائمة جداً في السابق بالنسبة لك لتجربتها.
الناس في العالم، إذا كانوا أغنياء بما فيه الكفاية، يبذلون جهوداً عظيمة للحصول على تجارب من المتعة أو السعادة. يبذلون جهوداً كبيرة لمحاولة الشعور بالاتصال بأنفسهم بطرق معينة. يسافرون حول العالم، يتسلقون الجبال، يمارسون الرياضات الخطيرة، يشاركون في هواياتهم واهتماماتهم بدرجات قصوى، محاولين الحصول على نوع من التجربة الأعمق.
إنهم ينفقون حياتهم، ينفقون ثرواتهم، يستخدمون موارد العالم لمحاولة الحصول على تجربة يمكنهم الحصول عليها إذا تعلموا الجلوس بهدوء، كل يوم.
يتطلب الجلوس بهدوء أن تكون مع نفسك وتجربتك. يتطلب منك أن ترى قلق عقلك وتواجه كل التأثيرات التي سمحت لها بالدخول إلى عقلك. يظهر لك عدم رضاك. يظهر لك عدم انضباطك الذاتي ونقص تركيزك في حياتك.
هذا يتطلب شجاعة هائلة. أنت ستواجه كل ما هو بداخلك لتصل إلى التيار الأعمق لحياتك. هذا مسعى جاد. لكن عندما تبدأ في تجربة التيار الأعمق لحياتك، عندها يكون هناك راحة وخفّة ظل.
لا يجب أن تدور باستمرار بحثاً وتساؤلاً: من أنا؟ لماذا أنا هنا؟ ما الذي يجب أن أفعله حقاً في الحياة؟ لأنك الآن تبدأ في تجربة التيار الأعمق لحياتك، حيث يتم الشعور بهذه الأشياء ومعرفتها ببساطة. لا يجب أن تخرج وتحاول تعريف حياتك، خلق حياتك، وضع أهداف هائلة لحياتك، أو محاولة — بجهد عظيم وإحباط شديد — نحت واقع لنفسك.
لأن المعرفة الروحية داخلك تحرك حياتك. إنها تحملك في الاتجاه الذي يجب أن تذهب إليه حقاً. هنا إذا كنت مشاركاً في علاقات مزعجة، سترى أن المعرفة الروحية ستأخذك إما إليها أو بعيداً عنها. إما أن تكون مقصودة لتصبح جزءاً من رحلتك الأعظم أو لا، وهذا سيحقق حلاً هائلاً لحياتك.
الناس يكافحون لامتلاك أشياء، أو أن يكونوا شيئاً، أو فعل أشياء ليس لها علاقة بحقيقة من هم ولماذا هم هنا. لذلك بغض النظر عن مقدار الطاقة أو الموارد التي يستثمرونها في هذه المساعي، فهي لا ترضي أبداً. بغض النظر عن مقدار ما يقدمونه من أنفسهم لمحاولة جعل علاقاتهم تعمل، فإن هذه العلاقات ببساطة لا يمكن أن تؤتي ثمارها.
أن تتخلص من هذه المحاولة اليائسة هو راحة هائلة للنفس. الآن لا يجب أن تحاول بجد. لا يجب أن تكسب موافقة الآخرين. لا يجب أن تكون جميلاً أو ذكياً أو ساحراً أو جذاباً لمحاولة كسب موافقة الآخرين للحصول على ما تريد.
هنا ترى أن العلاقات ستأتي إلى حياتك عندما تكون مستعداً لها وعندما تتخذ الخطوات للمعرفة الروحية داخل نفسك وتتبع الحركة الحقيقية لحياتك خطوة بخطوة. هذا راحة عظيمة، وهذا ما يجلب إحساساً بالخفة إلى حياتك.
هنا أنت تشرع في المسعى الأكثر جدية وأهمية في حياتك، ومع ذلك تشعر في داخلك بالإثارة؛ تشعر أن لديك طاقة؛ هناك حماسة عميقة؛ هناك إحساس بالصحة في حياتك. أنت ممتن لأنك تحررت من مساعيك السابقة، التي لم تستطع أبداً أن تجلب لك إشباعاً حقيقياً.
عندما تكتسب وجهة نظر أعظم في تتبع هذه الحركة للمعرفة الروحية، ستنظر حولك وسيبدو الناس وكأنهم في سلاسل، مستعبدون يحاولون الحصول على ما يريدون وتجنب الكوارث، مستعبدون في علاقات مع بعضهم البعض. وسوف تشعر بنوع من التحرر داخل نفسك، كما لو أنك قد حققت اتصالاً حقيقياً أخيراً، وأن حياتك تتحرك حقاً، وهي تتحرك في الاتجاه الذي كان مقدراً لها أن تذهب إليه.
التناقض الظاهري في أن تكون جاداً وخفيف الظل في نفس الوقت يتم الآن الاعتراف به كسبب ونتيجة. أنت منخرط بجدية فيما هو ذو معنى حقيقي بالنسبة لك؛ يعود المعنى إليك؛ تشعر بالخفة والراحة والحماس. يمكنك أن تقدم نفسك بكل إخلاص لهذا، لأن هذا هو اتجاهك الحقيقي. يمكنك أن تقدم نفسك بكل إخلاص دون شعور بالخيانة أو الارتباك أو القلق المستمر.
إعطاء نفسك لأشياء ليس لها مستقبل يمكن أن يولد فقط ارتباكاً وإحباطاً مستمرين. التحرر من هذه الأشياء هو هبة عظيمة. إنها هبة لنفسك، وهي هبة للعالم. لأن هذا سوف يحررك لتجد مساهمتك الحقيقية للآخرين، وهذا سوف يعطيك إشباعاً لا مثيل له في العالم.
الناس يكافحون ليكونوا سعداء، ليكونوا أحراراً، ليكون لديهم علاقات، ولكن إذا كانت حياتهم تسير في الاتجاه الخاطئ، إذا لم يكونوا ذاهبين إلى حيث يحتاجون حقاً للذهاب أو يفعلون ما يحتاجون حقاً لفعله، فهم غير سعداء، محبطون، مضطربون، غير راضين باستمرار. ترى الأدلة في كل مكان حولك. إنها مأساة الأغنياء. إنها مأساة العالم.
كل شخص قد أُعطي هدية المعرفة الروحية. كل شخص هنا لهدف. ولكن عندما تنظر حولك، لا ترى دليلاً على هذا، إلا ربما في أفراد قليلين فقط. إنها مأساة العيش في الانفصال.
لكن الرب قد وضع المعرفة الروحية داخل كل شخص، كمصدر وقوة خلاصهم. إذن ليس على الرب أن يدير حياتك، لأن الرب قد وضع منارة فيك ستقودك لمساهمتك الأعظم في العالم. إنها مثل بوصلة حقيقية داخلية، يمكنك من خلالها أن توجّه حياتك بفعالية، بغض النظر عن الارتباك في الأحداث حولك.
مع مرور الوقت، ستزداد الأحداث حولك ارتباكاً بينما تضرب الموجات العظيمة من التغيير العالم. سيكون هناك ارتباك أعظم، إحباط أعظم، غضب أعظم، تنافر أعظم في العالم من حولك بينما تواجه البشرية عالماً من الموارد المتناقصة، عالماً من الطقس العنيف، عالماً من عدم الاستقرار السياسي والاقتصادي المتزايد، عالماً من خطر النزاعات والحرب المتصاعد.
هنا ستصبح مساعيك السابقة للسعادة مهددة أكثر فأكثر. هنا تصبح الحاجة للمعرفة الروحية قصوى. أنت بحاجة إلى هذه البوصلة الداخلية. أنت بحاجة لإعادة التواصل مع التيار العميق لحياتك. أنت بحاجة أن تتعلم سكون العقل حتى تشعر بهذا التيار العميق وحتى تتمكن من تمييز القرارات الصحيحة لتتخذها، حتى لو كان الجميع حولك في ارتباك تام.
هذه الشدة الداخلية، هذا الاتجاه الداخلي، هذا النور الداخلي، هذه الملاحة الداخلية ستكون حاسمة في المستقبل، خاصة لأن مستوى عدم اليقين سيزداد. وقد تضطر حياتك لأخذ ألف منعطف، لا يمكنك توقعها في هذه اللحظة.
قد تتساءل: “كيف سأعرف ما يجب فعله؟ من أين سأجد الشدة والثقة؟” هنا حتى الموجات العظيمة من التغيير ستعيدك إلى المعرفة الروحية، لأن المعرفة الروحية فقط هي ما يمكنها إرشادك خلالها.
أفكارك لن ترشدك خلالها. فلسفتك لن ترشدك خلالها. اعتمادك على شخصيات السلطة في الحكومة أو التجارة أو الدين لا يمكنه إرشادك خلالها. هذه التأثيرات قد تكون مفيدة أو قد تكون كارثية، ولكن أساساً لكي تجد يقيناً وقوة داخليين أعظم، أنت بحاجة إلى قوة وحضور المعرفة الروحية. لاتخاذ قرارات حكيمة في مواجهة عدم اليقين العظيم، أنت بحاجة إلى الحكمة من المعرفة الروحية.
هنا السعادة ليست شكلاً من الهروب. ليست أن تكون أحمقاً ومتساهلاً. ليست شكلاً من خيانة الذات أو إنكار الذات. ليست إدماناً أو نشاطاً خطيراً.
هنا حياتك لها اتصال أعمق، ويمكنك أن تحلق على ارتفاعات عظيمة لأن لديك اتصالاً أعمق. يمكنك مواجهة عدم اليقين الهائل في العالم لأن لديك اتصالاً أعمق. يمكنك أن تثق بنفسك عندما لا تعرف ما يجب فعله لأن لديك اتصالاً أعمق. ولن تمنح حياتك للناس أو الأماكن أو الأشياء لأن لديك اتصالاً أعمق.
هذه الحرية لا مثيل لها في العالم. حتى الأغنياء لا يمكنهم شراءها. لا يمكن شراؤها. لا يمكن حتى للحكومة أن تضمنها. لها قيمة لا مثيل لها لك.
نفسك تحن لاكتشاف مهمتها وإنجازها. أنت تبحث الآن، في هذه اللحظة، عن الأشخاص الحقيقيين والعلاقات التي ستحتاجها في المستقبل. أنت تحاول أن تجد طريقك الحقيقي رغم أنك ربما كنت تبحث في الأماكن الخاطئة. لديك ملاح داخلي يحاول رسم مسار حياتك لكنه محجوب فقط بكل خططك وأهدافك ومخططاتك ومواقفك وأنشطتك.
لهذا السبب عندما تمارس السكون، تضع نفسك في موقف لتتلقى. لكن يجب أن تكون صبوراً جداً هنا، لأن خمس دقائق من الهدوء لن تكشف سر واتجاه حياتك. لهذا، سيتعين عليك أن تتعلم أن تكون سكاناً أكثر، بشكل منتظم. سيتعين عليك أن تتعلم حكمة التمييز والتحفظ وأشياء أخرى كثيرة. لكن هذا هو تعليمك الأساسي في الحياة. لا يوجد شيء أكثر أهمية من هذا.
هذا سيعلمك كيف تكون في العالم، من تختار لتكون في علاقة معه وكيف تكون معهم، إلى أين تذهب، أي نوع من العمل تقوم به، كيف تعيش، أين تعيش، ما هو القيم، ما هو غير القيم، فيما تشارك وفيم لا تشارك وهكذا. هذه حرية وجدها قليلون جداً من الناس. وهذه الحرية تخلق إحساساً بالرفاهية والصحة في حياتك لا يمكن شراؤها أو اكتسابها بأي طريقة أخرى.
إرادة الرب لك هي السعادة المثالية، لكن السعادة المثالية يجب أن تكون سعادة حقيقية. لا يمكن أن تكون سعادة مولودة فقط من التفضيل الشخصي أو الأيديولوجيا. يجب أن تكون إحساساً عميقاً بالهدف والمعنى في حياتك. يجب أن تكون اعترافاً وتعبيراً عن طبيعتك الأعمق.
هنا لا تعتمد على الظروف المتغيرة، أو اللحظات العابرة، أو الطبيعة البرية وغير المتوقعة للرومانسية مع الآخرين. لديها يقين أعظم وقوة أعظم ومدة أعظم. يمكنك الآن مواجهة أي شيء، لأنك تعرف أن شدة أعظم بداخلك.
أنت حررت من ارتكاب أخطاء حمقاء ومحددة للحياة لأنك تأخذ الوقت للنظر والرؤية، للشعور والمعرفة. أنت لا تنخدع الآن بالجمال أو الثروة أو السحر. لن تمنح حياتك مقابل هذه الأشياء. هذا يمنحك قوة وتشجيعاً، ثقة وإحساساً أعظم بالحضور والاتجاه.
هذه هي السعادة التي تحتاجها حقاً، وهي مولودة من اتخاذ الخطوات للمعرفة الروحية، من إعادة تجربة والانخراط مع التيار العميق لحياتك. هي نتيجة السماح لهدفك الأعظم بأن يكشف نفسه خطوة بخطوة، دون أن تحاول تعريفه أو توجيهه أو التحكم فيه.
هي تخلق إحساساً أكبر بالثقة في النفس وفي القوى الروحية الأعظم التي في العالم. مع ذلك هذا يمنحك القدرة على مواجهة المأساة والصعوبة التي تراها حولك، دون أن تستسلم لهذه الأشياء.
إنه كما لو أنك يجب أن تتعلم أن تكون سعيداً من جديد، بناءً على نهج مختلف، مجموعة مختلفة من الأنشطة، فهم مختلف. إنه كما لو أنك تعود وتبدأ من جديد. السعادة ١٠١. الإنجاز ١٠١.
هنا يجب تحدي مفاهيمك السابقة والمبكرة ووضعها جانباً. وعليك أن تسمح لنفسك بعدم معرفة ما هو الجواب. لأنك لا تعرف، ليس بعد.
هذا يتضمن تقييماً عميقاً لحياتك، إعادة نظر عميقة في حياتك — من تكون معه، ما الذي تفعله، إلى أين تذهب، أين استثمرت نفسك، ما الذي يسرق طاقتك، ما الذي يعيقك.
هنا يجب أن تكون محدداً جداً. هنا يجب أن تشكك في كل شيء وتسمح بالارتباك بالظهور بينما تمر بإعادة النظر هذه. لأنك لا تنتقل من الارتباك إلى اليقين المطلق في خطوة واحدة. لا يصبح كل شيء واضحاً في لحظة واحدة.
إنه مثل القيام برحلة صعوداً على جانب الجبل، رحلة خارج الوادي والغابة في الأسفل حيث لا يمكنك رؤية مكانك، لا يمكنك الحصول على أي إحساس بمحيطك، لم تكن لديك خريطة الأرض، لم ترَ علاقة معالم المنظر.
هي أن تخرجك من غابات وأودية حياتك إلى نقطة مرتفعة حيث يمكنك أن ترى بوضوح أن هذا حقاً هو تركيز الممارسة الروحية. عندما يمكنك الرؤية، يمكنك المعرفة، وعندما تعرف، هناك حل. وعندما يكون هناك حل، هناك تحرير لحياتك.
هنا السعادة ليست الهدف؛ هي النتيجة. أنت لا تسعى للسعادة من أجل السعادة، ليس إذا كانت السعادة ستكون حقيقية. أنت تسعى للمعنى والتيار الأعمق لحياتك. أنت تسعى لتعرف ما يجب فعله بعد ذلك. أنت تريد المعرفة الروحية أن ترشدك. هذا ينتج السعادة والإشباع. لكن هنا السعادة والإشباع ليسا الهدف.
إذا قال الناس: “آه، أنا فقط أريد أن أكون سعيداً”، فهم لا يفهمون حقاً ما هي السعادة أو كيف يمكن تحقيقها. إذا قال الناس: “أنا فقط أريد أن أكون في سلام”، فهم لا يدركون بعد أنهم هنا لهدف أعظم، أنهم أُرسلوا إلى العالم ليفعلوا شيئاً، أن الرب أعطاهم شيئاً ليفعلوه — لتحريرهم، لإنقاذهم ولخلاضهم.
السعادة هي نتيجة؛ هي نتيجة الانخراط حقاً مع حياتك كما صُممت وكما كان مقصوداً لها أن تكون. السعادة ليست هدفاً. السلام ليس هدفاً. مثل السعادة، السلام هو نتيجة لحل داخلي، إعادة اتصال مع طبيعتك الأعمق واتجاهك الحقيقي في الحياة. هو نتيجة، ليس هدفاً.
إذا كان هدفك هو أن تجد ما أنت هنا لتفعله حقاً وأن تنخرط في ذلك، فهذا سينتج السلام والسعادة لك لأن هذه هي نتائج حل داخلي، إعادة اتصال، إعادة اكتشاف، علاقة أساسية.
قيمك ستتغير؛ مساعيك ستتغير؛ أولوياتك ستتغير. بدلاً من الجري مثل شخص مجنون محاولاً الحصول على السعادة والمتعة والإثارة والتحفيز المستمر، ستبدأ في الاستقرار. لن تكون مدفوعاً بخوف عدم الامتلاك، بخوف عدم العثور. ستكون قادراً على الاستقرار وتصبح مراقباً وحكيماً، قوياً ومتصلاً.
هذا سيجعلك منفصلاً عن الآخرين. سيميزك. سيعطيك رحلة مختلفة لتسلكها. لكن هذا مناسب تماماً ويستحق أكثر بكثير من أي صعوبات قد تنشأ، أو أي تحديات قد تواجهها على طول الطريق.
الرب يجذبك مثل المغناطيس. المعرفة الروحية حية في داخلك. هي تنصحك كل يوم. يجب أن تترك السطح القلق لعقلك لتجد الأعماق الهادئة. هنا يصبح الهدوء ليس فراغاً، ولكن رفاهية، نعمة، قوة وحضور. وهذا ما تبحث عنه في كل الأشياء.
لذلك، ابدأ باتخاذ الخطوات إلى المعرفة الروحية. اشعر بالحاجة العميقة لنفسك. ابدأ التقييم العميق. تلقى الرسالة الجديدة من الرب التي توفر لك المسار والفرصة لتجربة هذا في الحياة اليومية، في كل ظروفك، بغض النظر عن من أنت أو أين أنت أو ما قد تكون محنك.
لقد أنقذك الرب لأن الرب أعطاك شيئاً مهماً لتفعله. يجب أن تجد هذا وتأخذ الرحلة التي سيتطلبها، وإعادة التقييم العميق لحياتك الذي سيتطلبه، والحل العميق الذي سيمنحك إياه الأمر كنتيجة.




